عــبد الله علي صبري
كاتب وباحث سياسي
ملخص:
تتناول الدراسة المواقف المتخاذلة التي رافقت معركة طوفان الأقصى وحرب الإبادة الجماعية التي ارتكبها العدوان الصهيوني في غزة على مدى عامين، برزت خلالها مواقف وتصريحات تتبنى المنطق الصهيوني في العدوان، وصوبت سهام النقد والاتهام باتجاه حركات المقاومة في فلسطين، وجبهات الإسناد التي انخرطت في المعركة العسكرية المباشرة مع العدو الصهيوني، شكلت في مجموعها ما يمكن تسميته بتيار ” الصهيونية العربية “.
قدمت الدراسة تعريفًا للصهيونية العربية بالمقارنة مع الصهيونية اليهودية والصهيونية المسيحية، وألقت الضوء على تجليات الصهيونية العربية في أبعادها السياسية والاقتصادية والإعلامية، ومدى خطورتها على تشكيل الوعي العربي والإسلامي المناهض للمشروع الصهيوأمريكي بالمنطقة.
وخلصت الدراسة إلى عدد من التوصيات، من أهمها، العمل على رصد المظاهر النظرية والعملية للصهاينة العرب، وكشف العلاقات الظاهرة والمستترة بين الصهيونية العربية وبين مشاريع ومخططات دولة الاحتلال ذات العلاقة بتصفية القضية الفلسطينية، وإعادة رسم ملامح وخرائط ما يسمى بالشرق الأوسط، في إطار مشروع إسرائيل الكبرى، وترسيخ معادلة الاستباحة الشاملة، التي لا تقتصر على احتلال المزيد من الأراضي العربية، بل تحول دون المقاومة والمواجهة، وتصل إلى طمس الهوية العربية والإسلامية، وخلق ثقافة جديدة لا مكان معها لحرية الأمة وكرامتها وسيادة الدول العربية واستقلالها.
- مشكلة الدراسة:
كانت الصهيونية العربية إلى وقت قريب تعبر عن اتجاه ثقافي محدود في المجتمعات العربية، لكنها مع طوفان الأقصى وجدت مساحة إعلامية أكبر للتعبير عن نفسها بمستوى غير مسبوق من الصراحة، عن طريق عدة مداخل وعبر تجليات متعددة.
وأخطر ما في الصهيونية العربية أنها صارت ملازمة للمواقف السياسية للأنظمة العربية الرسمية، التي وقفت إلى جانب إسرائيل في عدوانها على غزة، ولزمت الصمت تجاه جرائم الإبادة المتواصلة التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني.
وقد شكلت هذه المواقف المخزية الغطاء للتخادم العربي الصهيوني في المسار الاقتصادي والتجاري، لاسيما بواسطة القطاع الخاص، إضافة إلى الجسر البري بين الإمارات وإسرائيل، الذي شكل دعمًا وتعويضًا للاقتصاد الصهيوني بعد نجاح جبهة الإسناد اليمنية في فرض حصار محكم على ميناء أم الرشراش.
وساعدت الصهيونية العربية الرسمية في تمرير واحتضان الكثير من المهرجانات الفنية (موسم الرياض مثالًا)، التي شكلت حالة انفصام عن واقع مأساة غزة وأهلها، وقدمت عددًا من الفنانين العرب نماذج رخيصة في بازار الترفيه على حساب القضية الفلسطينية.
وبلغت الصهيونية العربية ذروة تجلياتها في الإعلام العربي، الذي تبنت كثير من وسائله ومنصاته السردية الصهيونية لحرب غزة، لدرجة أن بعض القائمين على وسائل الإعلام العبرية عبروا عن دهشتهم تجاه تحول الخطاب الإعلامي العربي لصالح المشروع الصهيوني.
على أن تجليات الصهيونية العربية لا تعبر كلها عن مواقف مباشرة، فالكثير منها اتخذ أسلوب المراوغة، ودس السم في العسل، سواء عن طريق انتقاد حماس –على زعم أنها تهورت وعرضت الفلسطينيين لمأساة كبيرة- أم عن طريق الغمز في قادة جبهات الإسناد، لاسيما حزب الله وأنصار الله، والسخرية من أداء الجبهتين، أو عبر إذكاء الطائفية وربط كل فصائل المقاومة بما يسمونه المشروع الإيراني، وصولا إلى التشفي في التضحيات الكبيرة واستشهاد قيادات المقاومة، وأبرزهما الشهيدان حسن نصر الله ويحيى السنوار. وعليه فإن البحث الذي بين أيدينا، يدرس متغيرين اثنين:
الأول: الصهيونية العربية.
الثاني: المواقف العربية الشاذة من طوفان الأقصى.
وعلى نحو أوضح، فإن مشكلة الدراسة تدور حول تجليات الصهيونية العربية في الموقف من معركان طوفان الأقصى بشكل خاص، ومن الصراع العربي الصهيوني بشكل عام.
ويحاول الباحث الإجابة عن التساؤلات الآتية:
- 1-ما الصهيونية العربية؟ وما الفرق بينها وبين الصهيونية اليهودية والصهيونية والمسيحية؟
- 2-ما تجليات مواقف الصهيونية العربية من معركة طوفان الأقصى، في الأبعاد السياسية والاقتصادية والدينية؟
- 3-ما أهم مضامين السردية والرواية الإعلامية للصهيونية العربية، تجاه حركات المقاومة وقياداتها وعمليات جبهات الإسناد؟
- أهمية الدراسة:
تكمن الأهمية القصوى للدراسة في كشف الخطاب المتصهين والمتهافت، وتعريته أمام الجمهور عن طريق سبر أغواره وتحليل مضامينه، وتبيان مدى خطورته على الوعي الجمعي العربي تجاه قضية فلسطين والصراع العربي الصهيوني، خصوصًا مع انكشاف مخططات الصهيونية تجاه المنطقة على نحو غير مسبوق، سواء المتعلقة بمشروع ” الشرق الأوسط الجديد” ، الذي أعلن عنه رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، وباشر أول خطواته في سوريا، أم عن طريق مخطط التهجير القسري لأبناء غزة وأهاليها، الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أم ما يتعلق بأفكار ” اليمين المتطرف ” بشأن إعادة احتلال أراضي الضفة الغربية، وتهجير سكانها العرب؛ تمهيدا لما يسمونه ” أرض الميعاد “.
أهداف الدراسة:
- 1-معرفة خصائص الصهيونية اليهودية ومقارنتها بالصهيونية العربية الناشئة.
- 2-دراسة المواقف السياسية العربية الرسمية السياسية والثقافية والاقتصادية المنحازة للكيان الصهيوني، وكيف تجلت أثناء معركة طوفان الأقصى.
- 3-تحليل أبرز مضامين خطاب الصهيونية العربية في تبني الرواية والسردية الصهيونية للعدوان على غزة.
منهجية الدراسة:
يعتمد الباحث على المنهج التاريخي في المقارنة بين مراحل تطور تيار الصهيونية العربية ومدى اقترابها من الصهيونية اليهودية، وانسجامها مع المشروع الصهيوني، بدءًا من تقبل فكرة السلام والتعامل التجاري، حتى التطبيع وتبني موقف الكيان في عدوانه وجرائمه على غزة.
ويستعين الباحث في دراسته بالأسلوب الوصفي، ومنهجية تحليل الخطاب، الذي من أدواته: تحليل السياق، والأطر المرجعية، بالإضافة إلى تحليل المعنى الكامن.
تقسيم الدراسة:
- 1-بين الصهيونية اليهودية والمسيحية.
- 2-بدايات ومؤشرات الصهيونية العربية.
- 3-اتفاقات إبراهام نقطة تحول.
- 4-الصهيونية العربية وطوفان الأقصى.
- 5-التجليات الإعلامية للصهيونية العربية.
أولًا: بين الصهيونية اليهودية والمسيحية:
في السياق التاريخي والديني، ارتبطت الصهيونية على نحو وثيق بالعمل على إقامة دولة لليهود وإنقاذهم من حالة الشتات والهوان، كانت الدولة هي جذر أهداف الصهيونية، ثم جاء اختيار فلسطين وطنًا قوميًا لليهود، ما شكل الحافز الديني الذي ساعد على توسع الفكرة والسير بها في خطوات عملية بالتعاون مع القوى الإمبريالية.
وعليه يمكن القول: إن الصهيونية دعوة وحركة عنصرية دينية استيطانية قامت على أساس إعادة توطين اليهود وتجميعهم وإقامة دولة خاصة بهم في فلسطين بواسطة الهجرة والغزو والعنف([1]).
استجابت بريطانيا لمطالب الحركة الصهيونية في إطار التعاطف مع حالة البؤس التي كان اليهود يعيشونها في أوروبا، وحملت بنفسها راية عملية تهجير اليهود إلى فلسطين، وأعلن وعد بلفور في خضم الحرب العالمية الأولى، وذلك في رسالة بعثها وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد اليهودي روتشيلد، يؤكد فيها تأييد حكومة بريطانيا لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وعليه لم تكن الصهيونية إلا مشروعا إمبرياليا، وما كان وعد بلفور إلا ثمنًا للخدمات التي قدمها اليهود للإمبراطورية البريطانية([2]).
وإلى جانب البعد الديني اليهودي المرتبط بما يسمى بشرى الأعوام الألف السعيدة، وأن الفردوس الأرضي الألفي لن يتحقق إلا بعودة اليهود إلى فلسطين؛ لأن اليهود هم شعب الله المختار، وأن أرض فلسطين أرضهم التي وعدهم الإله بها، فإن المسيحية الصهيونية قامت على الفكرة ذاتها؛ إذ يؤمن كثير من المسيحيين البروتستانت بأنه حين يعود المسيح المخلص سيحكم العالم بوصفه الملك المقدس وههم القديسون لمدة ألف عام، يشار إليها أحيانًا باسم أيام المسيح أو الألف السعيدة، وهي مرحلة سيسود فيها السلام والعدل في عالم التاريخ والطبيعة وفي مجتمع الإنسان والحيوان، ولكن لكي تبدأ الألف السعيدة لا بد أن يجري استرجاع اليهود إلى فلسطين تمهيدا لمجيء المسيح([3]).
وقبل أن تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها، كانت بريطانيا قد وضعت يدها على فلسطين وانتزعتها بالقوة من الدولة العثمانية التي كانت آخر جدار في وجه الصهيونية الجامحة.
دخل البريطانيون القدس في 11 ديسمبر/ كانون الأول 1917، وانتهى حكم الدولة العثمانية فيها، حينها عبَر رئيس الوزراء البريطاني عن فرحه الشديد بسقوط القدس، وكتب في مذكراته أنه استطاع ” تحرير” أقدس مدينة في العالم، و” أنه بتحريرها تمكن العالم المسيحي من استرداد أماكنه المقدسة “([4]).
كانت فرنسا وبريطانيا قد اتفقتا على تقسيم المنطقة العربية وتركة الرجل المريض، على أن تبقى فلسطين تحت إدارة دولية، ووقعتا وقتها اتفاقية سايكس بيكو سيئة الصيت في مايو/ أيار 1916، على النحو المعروف تاريخيا. بيد أن فلسطين آلت إلى بريطانيا إثر مؤتمر سان ريمو (أبريل/ نيسان1920)، الذي اجتمع فيه الحلفاء المنتصرون في الحرب، واتفقوا على وضع فلسطين تحديدًا تحت انتداب بريطانيا.
وهكذا بدأت الهجرات اليهودية إلى فلسطين، وشرعت بريطانيا في دعم زعماء الصهيونية ومخططاتهم في فلسطين المحتلة على حساب السكان العرب.
عملت بريطانيا على تهيئة الظروف السياسية والاقتصادية والإدارية بما يضمن إنشاء الدولة اليهودية في فلسطين، وسهلت الهجرة اليهودية إلى داخل فلسطين، وشجعت اليهود على استيطان الأراضي، ومنحت اللغة العبرية الاعتراف لغة رسمية موازية أو بديلة للغة العربية، كما اعترفت بالوكالة اليهودية عام 1929، وتعاملت معها([5]).
كذلك شجعت بريطانيا اليهود المستوطنين على تأسيس منظمات يهودية مسلحة، مثل “الهاجاناة” التي ارتكبت عشرات المجازر بحق الفلسطينيين، وتأسست الهاجاناة في القدس عام 1920، منظمة استيطانية استعمارية، بدأت عملها بشكل سري واتبعت الأساليب العنصرية كافة في التعامل مع العرب الفلسطينيين، وشاركت في قمع الثورة الفلسطينية / ثورة البراق 1929([6]).
ولسنا هنا بصدد تقديم تعريف دقيق للصهيونية وسبر أغوارها ومنطلقاتها الفكرية والدينية، كما لسنا بحاجة للخوض في الجدل الفلسفي بشأن الفرق بين اليهودية والصهيونية، وكيف تأثرت الصهيونية بالمسيحية البروتستانتية أو العكس، ذلك أن الأحداث المؤسفة وتداعيات ما بعد 7 أكتوبر 2023، وما نجم عنها من جريمة إبادة موصوفة بحق الشعب الفلسطيني، كشفت أكثر من أي وقت مضى أن ديمومة المشروع الصهيوني، مرتبط بمتغيرات عالمية وأحداث سياسية جسام عصفت بالعالم كله، وصارت وظيفتها رهنا لهذه المتغيرات، التي صادف أنها شكلت العامل الأساس في تحويل الفكرة الحلم إلى واقع معاش عبر مراحل متدرجة، لكنها متسارعة بفضل دعم القوى الإمبريالية الغربية، وأهما بريطانيا العظمى، ثم الولايات المتحدة الأمريكية.
وإذ ما تزال واشنطن الحارس الأمين لهذه الدولة الاستيطانية منذ اعترافها السريع بدولة إسرائيل في مايو 1948، فقد كان الدور البريطاني حاسمًا في تأسيس هذا الكيان وتمكينه من أرض فلسطين وفق ترتيبات عملية سبقت وتلت وعد بلفور الشهير.
كما أن عقدة الذنب التي هيمنت على المشهد الأوروبي بمختلف دوله الشرقية والغربية، وانخراطها في تمكين اليهود وتعويضهم عن جرائم النازية، شكل رافعة مضافة لديمومة هذا الكيان وتغوله في المنطقة العربية، وهذا ما يجعلنا نتعامل مع الصهيونية ودولتها بوصفها مرحلة سياسية تاريخية طارئة، سرعان ما سيزول الفكر المؤسس والمصاحب لها، بمجرد التغيير في المعادلات السياسية الدولية والإقليمية، ولن يتأخر اليوم الذي سيصحو العالم فيه على حقبة جديدة تصبح فيه الصهيونية شيئا من الماضي، الذي يتنكر ويعتذر منه الجميع.
ستزول دولة إسرائيل، وستغدو الأساطير المؤسسة لها مجرد وهم عشش في الأذهان وخرافة توافرت لها كل عوامل القوة والإبهار، ولا عجب فما زال العالم يحترم القوة ويمجد أصحابها، ولا يعترف بأي حق لمن لا يستطيع أن ينتزع حقوقه كرها لا طوعا.
وهكذا فالصهيونية واقعًا، قامت على القوة وما تزال تفرض نفسها بقوة السلاح والدم، وليس في قاموسها سوى التوسع على حساب الغير على زعم الحق الإلهي فيما يسمى بأرض الميعاد، وحين يمتلك العرب والفلسطينيون أسباب القوة لن يترددوا لحظة واحدة عن تحرير الأرض واستعادة المغتصبات، وحين يتمكنون فعليًا من ذلك سيتعترف العالم تلقائيًا بمشروعية الدولة الفلسطينية وحق شعبها في تقرير المصير.
ثانيًا: بدايات الصهيونية العربية ومؤشراتها:
عربيًا وقفت الدول والمجتمعات العربية إلى جانب الحق الفلسطيني، ورفضت الاعتراف بدولة إسرائيل، وانخرطت جيوشها في حروب مباشرة مع العصابات الصهيونية؛ بهدف تحرير فلسطين، إلا أن النتائج كانت مخيبة للآمال، فبعد نكبة 1948 حلت النكسة عام 1967، وكان على الدول العربية أن تحرر الأراضي العربية الجديدة التي احتلتها إسرائيل، مثل سيناء في مصر والجولان في سوريا، وهذا ما حدث بشكل جزئي في حرب 6 أكتوبر/ تشرين أول 1973، حين باغتت القوات المصرية والسورية العدو الصهيوني، وشنت عليه حربًا خاطفة كادت أن تفضي إلى تحرير كل سيناء وكل الجولان، لولا التدخل الأمريكي.
بتفاهمات أمريكية مصرية بالدرجة الأولى توقفت العمليات العسكرية على رغم انتصار العرب، وبات الرئيس أنور السادات يتحدث عن السلام وإمكانية تحرير بقية الأراضي المصرية بالمفاوضات. بدأ حديث السلام مع إسرائيل خجولا وحذرا، إلا أن السادات اعتبره الخيار الاستراتيجي لمصر والمنطقة، وهكذا ظهرت البذرة الأولى لما يمكن تسميته بالصهيونية العربية.
كان الساسة والمثقفون العرب يدركون جيدًا أن الكيان الصهيوني لا يمكنه الاستمرار إلا بالدعم الأمريكي أو الاعتراف العربي، وحول هذا المعنى يقول عباس العقاد: إذا كان هناك شيء يتفق عليه العرب والصهيونيون، ويتفق عليه من يكتبون لمصلحة القضية العربية ومن يكتبون لمصلحة الصهيونية، فذلك هو الحقيقة التي تقول: إن إسرائيل لا تحتمل البقاء مع مقاطعة العرب لها، فإذا قاطعها العرب وثابروا على مقاطعتها، فليس في الأرض قوة تنصرها عليهم، وليس بالعرب من حاجة إلى سلاح يدفعون به خطرها أمضى من هذا السلاح([7]).
لكن بدل مقاطعة هذا الكيان جاءت اتفاقية كامب ديفيد 1979، التي تضمنت إعلان السلام بين مصر وإسرائيل، فمنحت هذا الكيان فرصة غير مسبوقة للتغول في العالم العربي باسم السلام، وتحت عنوان التطبيع الذي كان يراد له أن يكون سياسيًا وثقافيًا واجتماعيًا وشعبيًا، كما كان رسميًا.
التطورات الدولية التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي 1990 وإعلان أمريكا عن نظام دولي جديد صبت في مصلحة الكيان الاستيطاني، وبرعاية أمريكية أيضا جرى احتواء منظمة التحرير الفلسطينية، التي وافقت على مشروع الأرض مقابل السلام، وانخرطت في مفاوضات مباشرة وسرية مع إسرائيل، وصولا إلى اتفاق أوسلو (سبتمبر/ أيلول 1993)، الذي تضمن اعترافًا فلسطينيًا لأول مرة بحق إسرائيل في ” العيش بسلام ” مقابل الاعتراف الصهيوني بمنظمة التحرير الفلسطينية، ومنح الفلسطينيين حكمًا ذاتيًا في غزة وأريحا.
وبعد منظمة التحرير الفلسطينية كانت عين إسرائيل على سوريا ولبنان والأردن؛ لأنها دول الطوق، ونجحت بالفعل مع المملكة الأردنية الهاشمية، التي انخرطت في التطبيع مع الكيان الصهيوني، وفقا لاتفاقية وادي عربة (أكتوبر / تشرين الأول 1994)، ولكنها فشلت في الوصول إلى اتفاقات مشابهة مع سوريا ولبنان حتى الآن.
بالموازاة مع هذه التطورات السياسية جهدت إسرائيل في الترويج لثقافتها ورموزها بشكل مباشر وغير مباشر، ووجدت في حملة الأقلام المأجورة من يعمل على الترويج لدعايتها، وخدمة أجندتها، عن طريق الصحف ومعارض الصور والاتجاهات الفنية والفلسفية، وظهر الكثير من الببغاوات من أدعياء الثقافة الذين يتلقون الأجندة الصهيونية ويبشرون بها باسم التقدم أو التحرر أو التجديد أو الإصلاح، وإن إلمامة خفيفة بذلك لتدل على أننا نعاني محنة في المروءة والأخلاق، فضلًا عن محنتنا في العقول والأذواق([8]).
وهكذا التحق المسار الثقافي في خدمة المسار السياسي باتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني، وانعقد ما يسمى مؤتمر كوبنهاغن الذي ضم أكثر من ستين شخصية إسرائيلية، ومثلهم من الجانبين المصري والعربي (يناير/ كانون الثاني 1997) في العاصمة الدانماركية، تحت رعاية الاتحاد الأوروبي والحكومة الدانماركية، وكان المؤتمر بمقام أول رصاصة تطلقها إسرائيل على جدار المقاطعة الشعبية العربية، وصارت “جماعة كوبنهاغن” رأس الحربة لتيار عربي نخبوي، وظيفته الأساسية ترويج مسألة التطبيع مع إسرائيل، ونبذ المقاومة الفلسطينية، ودعم عملية السلام مع الكيان الإجرامي([9]).
حملت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011 معها مشروعًا أمريكيًا باسم ” الشرق الأوسط الكبير”، وأدت إلى احتلال أمريكا للعراق تحت ذريعة محاربة الإرهاب، وامتلاك أسلحة الدمار الشامل، وكان من نتائج هذه الحرب أن تراجع النظام الإقليمي العربي، لصالح الكيان الصهيوني، وقد كانت إسرائيل المستفيد الإقليمي الأول من احتلال العراق الذي كان يشكل عقبة كبيرة أمام مشروع الشرق الأوسط الكبير([10]).
جاء عام 2006 هو الآخر بحدث كبير على صعيد المواجهة المسلحة مع الكيان الصهيوني، وكانت نتائجه على الضد من مشروع الشرق الأوسط الكبير، فبعد الانسحاب المذل والمهين لقوات العدو من جنوب لبنان عام 2000 تحت وقع ضربات المقاومة الإسلامية اللبنانية، جاء العدوان الصهيوني على لبنان (يوليو/ تموز 2006) انتقاما من حزب الله ومحاولة للقضاء على المقاومة في لبنان، وهو ما عجزت عنه إسرائيل، وكان عليها أن تتكبد خسارة الحرب وتعترف بمعادلات الاشتباك الجديدة التي استمرت نحو 18 عامًا.
بيد أن الأصوات الصهيونية تخادمت هذه المرة مع الاتجاهات الطائفية في الأمة العربية، التي كانت تعمل على صرف التضامن الشعبي مع المقاومة الإسلامية على زعم أنها شيعية منحرفة عن الخط الإسلامي وتخدم النفوذ الإيراني، والتقت الأصوات الطائفية والصهيونية مع بعض الاتجاهات السياسية اللبنانية التي كانت على استعداد لطعن المقاومة في الظهر، والإجهاز السياسي عليها.
وفي 2008 وإثر العدوان الصهيوني على غزة لم ينتصر الطائفيون والمتصهينون للمقاومة الإسلامية ذات الاتجاه السُني -إذا جاز التعبير- بل انتقلوا إلى مرحلة متقدمة من الجهر بالسوء، فلم يتوقفوا عند رفض ونقد المقاومة فحسب، بل اتجهوا لتبني الرؤية الصهيونية تجاه المقاومة، الفلسطينية، واعتبارها إرهابًا يجب القضاء عليه، وجهر بعضهم بضرورة نزع سلاح المقاومة دون استحياء([11]).
ثالثًا: اتفاقات إبراهام نقطة تحول:
شهد البيت الأبيض الثلاثاء 15 سبتمبر/ أيلول 2020 توقيع اتفاق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين، ووعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي رعى الاتفاق، بانضمام دول أخرى من المنطقة للتطبيع، بينما تحدث الموقعون عن بدء مرحلة تاريخية جديدة وعن مرحلة جديدة في الشرق الأوسط([12]).
سميت هذه الاتفاقات باتفاقيات إبراهام، نسبة إلى النبي إبراهيم عليه السلام، وكانت هذه الاتفاقات المحاولة الأولى لإضفاء طابع رسمي على تكتل أو ” ناتو ” شرق أوسطي يضم أمريكا وإسرائيل وعددًا من الدول العربية، على أن تنضم السعودية لهذا التكتل لاحقًا([13]).
وسبق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير/ كانون الثاني 2020، أن أعلن رؤيته للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين ضمن مشروع ” صفقة القرن ” التي عرفت إعلاميًا بصفقة ترامب، وانطوت على خطة لتصفية القضية الفلسطينية في مقابل إغراءات اقتصادية، مع تجاهل تام لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين في الشتات.
تصدرت الإمارات العربية المتحدة مشهد التطبيع مع الكيان الصهيوني، وانخرطت مع إسرائيل في مبادلات تجارية تجاوزت المليار دولار خلال العام 2021، ثم أردفت التعاون التجاري بخطوات نحو تعاون أمني مفتوح؛ إذ شاركت الإمارات لأول مرة في مناورة عسكرية إسرائيلية بصفة مراقب، كما عرض الكيان الصهيوني على أبو ظبي المساعدة العسكرية والأمنية في التصدي لهجمات اليمن و” الحوثيين”([14]).
لم ينتظر تيار الصهاينة العرب كثيرًا، فأعلن عدد منهم على نحو مكشوف أن فلسطين ليست قضية عربية، وكان اللافت أن من تزعم هذه الخيانة مثقف سعودي يُدعى تركي الحمد، وكان ذلك مؤشرًا على تهيئة الأجواء لانخراط السعودية ذاتها في التطبيع مع الكيان الصهيوني.
بتاريخ 19 أغسطس/ آب 2020 نشر تركي الحمد على حسابه في منصة إكس/ تويتر سابقًا جملة مستفزة من أربع كلمات، قال فيها: ببساطة. فلسطين ليست قضيتي([15]).
ولخصت هذه الجملة ببساطة مشروع الصهيونية العربية، التي اتسع جمهورها على وسائل التواصل الاجتماعي في تصاعد لافت وعلى نحو مخجل، لدرجة أن أحد أقطاب التطبيع الفلسطيني مع الكيان الصهيوني، استشعر خطورة التيار الجديد، وكتب محذرًا من الانسياق وراء الأوهام التي يرفعها أمثال تركي الحمد.
كتب الدكتور صائب عريقات – وهو قيادي في السلطة الفلسطينية- متسائلا: هل نشهد اليوم ميلاد الصهاينة العرب العلني؟ فالذي يقرأ ما يكتبه الذين يدافعون عن قرار الإمارات الاعتراف بإسرائيل، يجد التمجيد بإسرائيل وحريتها ورقيها، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى القول أن: فلسطين ليست قضيتي، وإسرائيل حليفة وفية، وفى المقابل تكال الشتائم للشعب الفلسطيني، وعدم وفائه، ونكرانه للجميل، وفساد قياداته ([16]).
رابعًا: الصهيونية العربية وطوفان الأقـصى:
يحسب لعملية طوفان الأقصى الكثير من الإنجازات الاستراتيجية على صعيد الصراع مع العدو الصهيوني، فقد فتحت حرب غزة منذ 7 أكتوبر 2023، الباب على مصراعيه باتجاه الفرز المكشوف بين من يقف مع المقاومة ومحور القدس، ومن قرر اللحاق بالصهيونية العربية وتبني الرواية الإسرائيلية للصراع وحرب الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق فلسطين ولبنان، وكشفت يوميات طوفان الأقصى أن ظاهرة “المتصهينين العرب” ليست أمرا طارئًا أو مؤقتًا، بل تيارًا يترعرع بين ظهرانينا، ويزداد قوة وحضورًا وتأثيرًا في إطار عملية ممنهجة ومنظمة، هدفها الأساس تزييف الوعي وقلب الحقائق، وإنهاء الصراع مع إسرائيل شعبيًا بعد أن كاد ينتهي رسميا([17]).
1- البعـد السياسي والثقافي:
لا شك أن الصهيونية العربية أخطر من الصهيونية اليهودية أو الصهيونية المسيحية، ليس لأنها تقف مع الجلاد على حساب الضحية، بل لأنها تفصح عن حالة حرجة من اليأس والانهزام والانبطاح غير المسبوق في تاريخ أمتنا العربية والإسلامية، وإن كانت قد عرفت ظروفًا مشابهة على صعيد خيانة واستسلام الملوك والسلاطين، إلا أن ثقافة الأمة ظلت محصنة على نحو محكم في أصعب وأحلك الظروف.
والمؤسف أن أغلب النظم العربية الرسمية تتعامل مع هذه الظاهرة، بأنها نوع من حرية التعبير، أو فكر جديد حداثي، بينما تواجه من يتحدثون عن المقاومة أو يجهر بالدعاء في صلاته لأهل فلسطين بالسجن والقمع ([18]).
لكن على العكس من الصهيونية اليهودية أو المسيحية، فإن الصهيونية العربية لا تعبر عن موقف ديني، بقدر ما تمثل تحللًا من الالتزام الديني والأخلاقي، وهذا ما يجعلها نسخة رديئة وهشة وضعيفة التأثير، لولا تواطؤ النظم العربية الرسمية والضخ الإعلامي المصاحب لها.
ويمكن القول: إن مصطلح الصهيونية العربية ينطبق على كل عربي يدعم الاحتلال الصهيوني ويناصره على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وسواء كان مسلما أم مسيحيا، يكفي أن يكون عربيًا معاديًا للمقاومة أولا ولشعب فلسطين ثانيًا، وللحق التاريخي في التحرر من الاحتلال، حتى نعده ضمن الصهاينة العرب([19])، هذا بالنسبة للحالة الشعبية والثقافية غير الرسمية.
أما الجانب الرسمي، فيمكن القول: إن مصطلح الصهاينة العرب ينطبق على كل حاكم أو نظام ينخرط في التطبيع المباشر وغير المباشر مع العدو الصهيوني، ويعترف بدولته ويتعامل معها كأنها كيان شرعي، ويدخل في هذا التوصيف الدول العربية التي وقعت اتفاقيات سلام مع كيان الاحتلال بدءًا بمصر والأردن، ثم الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، بالإضافة إلى السلطة الفلسطينية.
وما يؤسف له أن أغلب الأنظمة العربية التي لم تعترف بإسرائيل، باتت على مقربة جدًا من إعلان التطبيع مع الكيان الصهيوني، بدليل أنها خذلت غزة وأهلها طوال الحرب، واتجهت بكل ثقلها لشيطنة المقاومة بكل فصائلها في فلسطين ولبنان وفي جبهات الإسناد، وهذا يعني أن دائرة الصهيونية العربية إلى اتساع قادم الأيام للأسف الشديد.
وهنا سأقتبس مواقفًا لعدد من الحكام العرب وردت في كتاب “الحرب” لمؤلفه الصحفي الأمريكي بوب وودوارد، الذي صدر في ذروة حرب الإبادة الجماعية على غزة، والغريب أن هذه المواقف الصادمة التي جرى الكشف عنها لأول مرة لم يقابلها أي نفي أو ردة فعل من الحكام والشخصيات السياسية العربية التي وردت على لسانها، بل كان الصمت المخزي سيد الموقف.
بحسب النسخة المترجمة للعربية للكتاب، فقد زار وزير الخارجية الأمريكية توني بلينكن المنطقة في منتصف أكتوبر 2023، وكانت وجهته الأولى تل أبيب، ثم عمّان، فالدوحة، ثم المنامة، فالرياض ومنها إلى أبو ظبي والقاهرة قبل العودة مجددا إلى تل أبيب.
في عمّان التقي بلينكن بالملك عبد الله الثاني، وكان مما قاله ملك الأردن: يجب هزيمة حماس، لن نقول ذلك علانية، لكننا ندعم هزيمة حماس ويجب على إسرائيل أن تهزم حماس. (ص 256)
في الدوحة التقى وزير الخارجية الأمريكي بأمير قطر تميم بن حمد، وقال الأمير: أوضحنا لحماس أن لا أحد يقبل ذلك، لا أحد يقبل ما فعلوه، لم يعد لديكم أصدقاء، ماذا تتوقعون أن نقول للأمريكيين والإسرائيليين. (ص 257)
وحين تحدث بلينكن عن ضرورة عدم التعامل مع حماس لاحقًا، وبعد إطلاق الأسرى الصهاينة، قال تميم: أفهم ولن يحدث ذلك، لا أحتاج إلى حماس بعد الآن، لا أريد عقبات مع أمريكا، سنبقي القناة مفتوحة الآن لأنكم تجدونها مفيدة، علاقتنا مع أمريكا مهمة جدًا. (ص 257)
وفي الرياض كان الموقف السعودي واضحًا، فقد قال وزير الخارجية فيصل بن فرحان: نحن قلقون بشأن تأثير عمليات إسرائيل على أمننا جميعا، ما يأتي بعد حماس قد يكون أسوأ. (ص 260)
أما في أبو ظبي، فقد عرض محمد بن زايد استعداد الإمارات للعمل المشترك بهدف القضاء على حماس، وقد قال أثناء استقباله وزير الخارجية الأمريكي: يجب القضاء على حماس، يمكننا أن نعطي إسرائيل المجال لتدمير حماس، لكن يجب على إسرائيل أن تعطينا مساحة، دعوا المساعدات الإنسانية تدخل. (ص 261)
كانت القاهرة إحدى العواصم التي وصلها بلينكن في جولته، والتقى فيها بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعلى هامش اللقاء التقى فريق بلينكن برئيس المخابرات المصرية عباس كامل، الذي قدم تقييما حول مدى عمق واتساع أنفاق غزة التي تديرها حماس، وقال: إن حماس متجذرة في غزة، وأن القضاء عليها سيكون صعبا للغاية، ثم أردف: يجب ألا تدخل إسرائيل مرة واحدة، انتظروا حتى يظهروا ثم اقطعوا رؤوسهم. (ص 263)
إلى جانب ذلك تصرفت بعض العواصم العربية وكأن ما يحدث في غزة لا يعنيها، فبالإضافة إلى أنها لم تسمح بالتظاهرات الشعبية المتضامنة مع القضية الفلسطينية، فإنها سمحت وأقامت المهرجانات الفنية الصاخبة، التي لم تخل من جدل بشأن مواقف هذه الدول والفنانين العرب من طوفان الأقصى، وجرائم الإبادة التي يتعرض لها أهل غزة.
كان “موسم الرياض”، على رأس هذه الفعاليات، التي أكدت الانفصام عن مجريات الأحداث وواجب الأخوة العربية والإسلامية تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني، فقد انطلقت فعاليات النسخة الرابعة من المهرجان في 28 أكتوبر 2023، بزخم غير مسبوق بحسب تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية([20]).
وتجاهل القائمون على موسم الرياض والمشاركون العرب في فعالياته كل دعوات المقاطعة، وتأجيل مثل هذا النوع من المهرجانات التي تحضر فيها مظاهر العُري والأداء الهابط على حساب الذوق والفن الرفيع.
وتكرر المشهد نفسه في أكتوبر / تشرين الأول 2024 مع انطلاق فعاليات “موسم الرياض” في نسخته الخامسة دون أي اعتبار لنزيف الدم الذي شهدته غزة على مدار عام كامل.
في مصر جرى تأجيل مهرجان القاهرة السينمائي، الذي كان مقررًا في نوفمبر 2023، لكن نسخته 45 انطلقت في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 في فعالية احتفالية بدار الأوبرا المصرية وسط جدل مستمر بشأن الموقف من طوفان الأقصى، وهو ما جعل إدارة المهرجان تخصص هذه الدورة للاحتفاء بالسينما والقضية الفلسطينية.
كان مهرجان “الجونة” السينمائي في مصر -هو الآخر- محل سخرية من المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي؛ بسبب إقامته بالتزامن مع استمرار العدوان الصهيوني على غزة، إضافة إلى الإطلالات الجريئة للمشاركات من الفنانات المصرية، وفي 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 انطلقت فعاليات مهرجان الجونة في دورته السابعة، وهي الثانية في ظل “طوفان الأقصى”.
وكان مهرجان العلمين المصري قد واصل أنشطته للعام الثاني على التوالي، بمشاركة فنانين من داخل مصر وخارجها، وضمن فعاليات المهرجان أحيا الفنان المصري تامر حسني، حفلًا ضخمًا في مدينة الإسكندرية، حضره آلاف الشبان والشابات بالتزامن مع تزايد التصعيد والأحداث المأساوية في غزة ولبنان، ما أثار انتقادات واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان لافتًا أن الحكومة المصرية التي سمحت بإقامة مثل هذه الحفلات، منعت بالمقابل كل أشكال التضامن السلمي مع فلسطين منذ بدء العدوان على غزة، وقامت بملاحقة رموز التضامن المصري مع فلسطين في الجامعات والمدارس والمساحات العامة؛ إذ وثّقت منظمة العفو الدولية اعتقال أكثر من 123 شخصًا ممن أعربوا عن تضامنهم مع أهالي غزة عن طريق التظاهر السلمي، أو بعد نشرهم تعليقات تضامنية على الإنترنت، وكتابة شعارات للمقاومة الفلسطينية في شوارع القاهرة([21]).
2- الأبعاد التجارية والاقتصادية:
بعيدًا عن الأنظار نسبيًا، ثمة تطبيع من نوع آخر كشفت عنه حرب غزة، وثمة تجليات لتيار الصهيونية العربية لا تقتصر على الموقف السياسي أو الثقافي الرسمي أو الشعبي، بل تتعداه إلى التخادم والتعاون المباشر عن طريق التجارة والاستثمار، فبالإضافة إلى استمرار عدد من الدول العربية في تزويد دولة الكيان بالبضائع والسلع التي تحتاجها، برز رجال أعمال عرب لا يرون مشكلة في التعامل التجاري مع هذا الكيان، بل إن بعضهم لم يتورع عن تصدير منتجات متعلقة بالمجهود العسكري واحتياجات جنود جيش العدو أثناء الحرب وجرائم الإبادة بحق أهلنا في غزة([22]).
ومن أبرز تجليات التطبيع في شقه الاقتصادي، الإعلان عن تشغيل جسر بري بين الإمارات وإسرائيل، وهو ما استنكره الرأي العام العربي، لاسيما أن هذه الخطوة التي تندرج في إطار مظاهر الصهيونية العربية، جاءت إنقاذا للكيان من تداعيات الحصار البحري الذي فرضته الجبهة اليمنية بنجاح على ميناء أم الرشراش/ إيلات في فلسطين المحتلة، وتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة اعترفت بها وسائل إعلام عبرية وغربية.
مع تصاعد الهجمات اليمنية المساندة لغزة، شغَّلت إسرائيل والإمارات في سبتمبر 2023 الخط البري، مرورًا بالأراضي السعودية والأردنية، وصولًا إلى ميناء حيفا على البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يعكس التوصل لاتفاق بين جميع الدول المشتركة في هذا المسار، بما فيها السعودية([23])، وتبرز أهمية هذا الجسر في أن تدفق الواردات عن طريقه تستغرق 3-4 أيام فقط، ما يجعله ملائما لنقل البضائع ذات الصلاحية قصيرة المدة، مثل المنتجات الغذائية الطازجة، وعلى الرغم من أن تكلفة استخدام الجسر البري أعلى من قناة السويس، فإن ارتفاع تكاليف التأمين البحري جراء التوترات عند مضيق باب المندب جعلت الطريق البري أقل تكلفة([24]).
وهكذا، ففي الوقت الذي منعت فيه إسرائيل كل أنواع المساعدات إلى قطاع غزة وفرضت على نحو 2 مليوني نسمة حصارًا خانقًا وحرب تجويع ممنهجة، ولم تتحرك أي دولة عربية – عدا اليمن- لإنقاذ غزة على نحو عملي، رأينا الصهيونية العربية وهي تسارع لإنقاذ السوق الإسرائيلية، وتزويدها بالبضائع التي تحتاج إليها، بواسطة هذا الجسر البري، مضافا إليه عمليات التصدير القائمة قبلُ بين دولة الكيان وبعض الدول العربية مثل الأردن.
ولا شك أن تنامي تيار الصهيونية العربية رسميًا وشعبيًا، لا يساعد على مسار مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، التي دعت إليها عدد من الحركات الاحتجاجية الشعبية بالتزامن مع حرب غزة وطوفان الأقصى، فمقاطعة البضائع التي حققت نجاحًا في الأيام والأسابيع الأولى من العدوان على غزة، لم تجد تجاوبًا من رجال الأعمال العرب الذين ظلوا يتعاملون مع الشركات الأمريكية والإسرائيلية تحت مزاعم واهية.
3-التجليات الإعلامية للصهيونية العربية:
تصدرت عدد من الوسائل العربية مشهد التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهي تقترب جدًا من تقديم الرواية الصهيونية للعدوان على غزة، وتجتهد في فتح نافذة للمتحدثين السياسيين والعسكريين باسم جيش الاحتلال، مع استضافة محللين سياسيين يتبنون الواقعية الانهزامية، والمواقف المضادة للمقاومة. وبشكل عام، فقد انطلق الإعلام العربي في تعاطيه مع يوميات ” طوفان الأقصى” عن طريق ثلاثة مسارات رئيسة([25]):
الأول: إعلام المقاومة: هو الذي يتبنى سردية المقاومة من حيث تبرير وتمجيد أداء فصائل المقاومة الفلسطينية، وجبهات الإسناد.
الثاني: الإعلام المضاد: هو الإعلام التابع للدول المطبعة التي تتمتع بعلاقات جيدة مع الاحتلال، وهذا الإعلام في أغلبه يتبنى السردية الصهيونية بصورة كبيرة، وهو الذي نركز عليه في هذه الدراسة.
الثالث: الإعلام الرمادي: هو الذي يلتزم خط الحياد في الظاهر، لكنه يتأرجح ما بين دعم ومناهضة المقاومة، تبعًا لسير الأحداث وتغير مواقف الدول المالكة لتلك النوافذ الإعلامية.
لقد كانت قناتا ” العربية ” السعودية وقناة “سكاي نيوز” الإماراتية، على رأس الوسائل الإعلامية العربية، التي قدمت خطابا يخدم الأجندة الصهيونية بكل وضوح، في انسجام مع المواقف الرسمية للرياض وأبو ظبي.
فمنذ انطلاق طوفان الأقصى، وهذه القنوات تتعرض لانتقادات لاذعة بسبب سياستها التحريرية؛ إذ تصف جيش الاحتلال بأنه الجيش “الإسرائيلي”، والشهداء الفلسطينيين بالقتلى، وتنعت القسام وحماس بطرف صراع، وغيرها من السرديات التي لا تختلف كثيرًا عن الخط التحريري لوسائل الإعلام العبرية([26]).
بل لقد وصل بعضهم إلى درجة أن يكون مجرد صدى للسردية الصهيونية، وتقديمها للجمهور العربي بذات العبارات كما وردت في الإعلام العبري، مع تبني مضامينها على نحو مطلق، وقد رصدت دراسة عن مركز الجزيرة للدراسات، تناولت ما أسمته “السجل اللغوي للخطاب المتصهين”، ورصدت بواسطته الكثير من الأساليب التي اعتمد عليها هذا النوع من الخطاب في التحقير من المقاومة وتضحياتها.
فمثلا يُسمي هؤلاء المتصهينون معركة طوفان الأقصى بـ ” الإرهاب الحمساوي”، والمدنيين الأبرياء في غزة بـ “الدروع البشرية”، ويشبهون حماس بالرئيس العراقي الرحل صدام حسين، ويتبنون مفهوم “الدفاع عن النفس” في تبرير لجرائم العدو وانتهاكاته، وبالنسبة لحزب الله فهو في أدبياتهم حزب إيران، أو “حزب الشيطان”، وانخراطه في الحرب ليس إلا “مسرحية” أو “معركة العامود”، وكذلك الأمر بالنسبة لـ ” أنصار الله “، أما صواريخ المقاومة فهي “هزيلة وكرتونية” وشعاراتها “عنترية وشعبوية”([27]).
وكما كشف طوفان الأقصى عن تيار الصهيونية العربية، فإن التضحيات الكبيرة التي قدمتها المقاومة الفلسطينية واللبنانية على مستوى القادة الشهداء، قد أبانت عن نفسيات مريضة ومنحطة لم تتورع عن التشفي في المقاومة والتندر من جمهورها، والتقليل من شأن فاعليتها في الواقع، حتى أن بعض الأبواق والأصوات التي تنطق بلسان عربي، بدت صهيونية أكثر من الصهاينة أنفسهم، وكما كانت بعض وسائل الإعلام العربية عنوانًا لهذا التيار، فإن الموقف من استشهاد يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس شكل نقطة اللاعودة، فقد مضى هذا التيار في تبني السردية الصهيونية بشأن الشهيد البطل بلا رتوش.
فمثلا كتب حسين الوادعي على منصة إكس تعليقا على استشهاد السنوار: كان البطل العربي المهزوم في الستينيات قوميًا عسكريًا ذا رؤية تقدمية مهما كان خللها، لكن بطل اليوم طائفي دموي مرتهن لقوى إقليمية. لقد مات السنوار مهزومًا ووحيدًا ومطاردًا ومعزولًا وعاجزًا عن الهرب أو حتى رفع يديه في لحظاته الأخيرة…!
وكتب حسين حنشي على منصة إكس: قتيل غير مهم، نهاية مخزية ومهملة، جرى قصف بيت يوم أمس واليوم تمشيط لجنود/ فقالوا: القتيل هذا يشبه السنوار، الإسرائيلي قصف منزلًا فيه ثلاثة لا يعلم أن السنوار أحدهم، هذا معني حرفي لآية: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى…!
وكتب محمد عبد الله الكميم على منصة إكس: بعد هلاك السنوار سأقولها بملء الفم وبكل قناعة وليسمعني الجميع، شكرًا إسرائيل العظمى، شكرًا سيد بنيامين نتنياهو، شكرًا سيد جو بايدن، شكرًا شعب الله المختار، استمروا وسنقف إلى جانبكم للخلاص من محور المقاومة ومحور الشر الذي يعيق بناء دولتنا ودولتكم ويهدد أمننا وأمنكم…!
صحيفة عكاظ السعودية ظهرت في عددها الأسبوعي بتاريخ 19 أكتوبر/ تشرين أول بهذا العنوان العريض: إسرائيل تلحق السنوار بهنية… “حماس” بلا رأس…!
كذلك بثَّ برنامج إم بي سي في أسبوع تقريرا بعنوان: ألفية الخلاص من الإرهابيين… الشخصيات التي روعت العالم وسفكت الدماء، وكانت المفاجأة أن الشخصيات المقصودة هي قيادات معروفة في محور المقاومة؛ الأمر الذي أثار غضبًا شعبيًا؛ إذ خرج العشرات في بغداد واقتحموا مكتب قناة إم بي سي السعودية، ما اضطر القناة إلى التراجع وحذف التقرير من قناتها على يوتيوب.
وعلى قناة العربية السعودية استثمرت الصهيونية في شخصية تُدعى محمد علي الحسيني، في أكثر من حوار متلفز، انصبت أقواله على التهكم والسخرية من المقاومة والتنبؤ باغتيال قياداتها، مثل الشهيد السيد حسن نصر الله.
وبعد استشهاد السنوار ظهر نفس الشخص بذات الأسلوب على ذات القناة، محذرًا الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة بأنه سيلقى نفس مصير القادة الشهداء…!
نتائج وتوصيات:
كشفت الدراسة أن تيار الصهيونية العربية قد وجد في معركة طوفان الأقصى فرصة أكبر للتعبير عن نفسه في مختلف الأبعاد السياسية والثقافية والاقتصادية؛ إذ عمل هذا التيار على خدمة الموقف السياسي للأنظمة العربية الرسمية التي سلكت درب التطبيع مع الكيان الصهيوني بشكل معلن أو باتت على وشك، ونتيجة للغطاء الرسمي المصحوب بضخ إعلامي كبير، تنامت الأصوات الشاذة التي اجتهدت في تشويه المقاومة وتسخيف منطقها، والسخرية من رموزها، والتشفي في استشهاد قادتها، بالموازاة مع مباركة العدوان الصهيوني على غزة، وتبرير جرائم التوحش التي يرتكبها بحق المدنيين في غزة.
وفي الشق الاقتصادي، فإن الصهيونية العربية في الإطار الرسمي أو القطاع الخاص، سارعت لإنقاذ الكيان الغاصب من تأثيرات الحصار البحري -الذي ضربته جبهة الإسناد اليمنية- على ميناء أم الرشراش، فيما حجبت مساعداتها الإنسانية عن الشعب الفلسطيني، ولزمت الصمت تجاه حرب التجويع التي تعرض لها مئات الآلاف من الفلسطينيين.
وفي مواجهة هذا التيار المنفلت عن القيم الدينية والأخلاقية والعروبية، توصي الدراسة بالمزيد من العمل باتجاه رصد المظاهر النظرية والعملية للصهاينة العرب، وكشف العلاقات الظاهرة والمستترة بين الصهيونية العربية وبين مشاريع ومخططات دولة الاحتلال ذات العلاقة بتصفية القضية الفلسطينية، وإعادة رسم ملامح وخرائط ما يسمى بالشرق الأوسط، في إطار مشروع إسرائيل الكبرى، وترسيخ معادلة الاستباحة الشاملة، التي لا تقتصر على احتلال المزيد من الأراضي العربية، بل تحول دون المقاومة والمواجهة، وتصل إلى طمس الهوية العربية والإسلامية، وخلق ثقافة جديدة لا مكان معها لحرية الأمة وكرامتها وسيادة الدول العربية واستقلالها.
إضافة إلى أهمية الوعي بدور وضرورة المقاومة بوصفها جدار الصدّ الأول في مواجهة المشروع الصهيوني ومتفرعاته السياسية والثقافية.
[1] – الخزاعلة ياسر، حرب رجائي ( 2015 ). تشكيل العقل الصهيوني. دار الخليج للنشر. عمّان. ص 186.
[2] – مركلي بول (2004). الصهيونية المسيحية 1891-1948. ترجمة فاضل جتكر. قدمس للنشر والتوزيع. دمشق. ط4. ص .112
[3] – المسيري عبد الوهاب (1997). موسوعة اليهود واليهودية الصهيونية. دار الشروق. القاهرة 27.
[4] – من وعد بلفور إلى إعلان إسرائيل… الانتداب البريطاني في فلسطين، الجزيرة نت
https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2021/11/25
[5] – المصدر نفسه.
[6] – المسيري. مصدر سابق. ص 195.
[7] – العقاد عباس. (د.ت) الصهيونية العالمية. دار نهضة مصر للنشر. القاهرة. ص 99.
[8] – العقاد. مصدر سابق. ص 69.
[9] – العناني خليل. تفكيك الصهيونية العربية، الجزيرة نت
https://www.aljazeera.net/opinions/2023/11/26
[10] – عواض محمد. محددات الاستراتيجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وتوابعها: العراق نموذجا (2003-2023)، متوافر على الرابط
[11] – عواض محمد. مصدر سابق.
[12] – متوافر على الرابط https://www.france24.com/ar/20200915
[13] – سينغ مايكل. محور اتفاقات إبراهيم: التطبيع العربي الإسرائيلي قد يعيد تشكيل الشرق الأوسط. معهد واشنطن للدراسات. متوافر على الرابط https://www.washingtoninstitute.org/pdf/view/17294/ar
[14] – سينغ مايكل. مصدر سابق.
[15] – https://x.com/TurkiHAlhamad1/status/1295830484648329217?lang=ar
[16] – عريقات صائب. ميلاد الصهاينة العرب العلني، متوافر على الرابط
https://www.wafa.ps/Pages/Details/8148
[17] – العناني خليل. مصدر سابق.
[18] – خلف كمال. ظواهر شاذة في زمن الحرب المصيرية، من هم الصهاينة العرب. رأي اليوم. متوافر على الرابط
[19]– هنيد محمد. الصهاينة العرب.. قراءة في البنية والوظيفة. عربي 21. متوافر على الرابط
https://arabi21.com/story/1559380
[20]- تصريح لصحيفة الشرق الأوسط. متوافر على الرابط
[21] – دالاتي يمان. عصر الانفصام العربي.. مهرجانات الترفيه تزدحم رغم المأساة والإبادة في غزة. نون بوست. متوافر على الرابط
https://www.noonpost.com/259269/
[22]– عبد السلام مصطفى. الصهاينة العرب… “استحوا على حالكم”. العربي الجديد. متوافر على الرابط
https://www.alaraby.co.uk/economy
[23] – انظر على سبيل المثال: جسر بري يربط دبي والرياض بإسرائيل، منصة أسباب
[24] – المصدر نفسه.
[25]– عنان عماد. الإعلام العربي وحرب غزة… مقاربات توثق الخذلان. نون بوست. متوافر على الرابط
https://www.noonpost.com/181473
[26] – عنان عماد. مصدر سابق.
[27] – الرشيدي أسامة. أصداء الرواية الإسرائيلية في حسابات شخصيات عربية عبر شبكات التواصل الاجتماعي ” إكس ” نموذجا. مركز الجزيرة للدراسات. متوافر على الرابط
https://aljazeerajournal.aljazeera.net/article
قائمة المراجع:
- أ-الكتب
- 1-الخزاعلة ياسر وحرب رجائي. تشكيل العقل الصهيوني (2015). دار الخليج للنشر. عمّان.
- 2-العقاد عباس. الصهيونية العالمية. (د.ت). دار نهضة مصر للنشر. القاهرة.
- 3-المسيري عبد الوهاب. موسوعة اليهود واليهودية الصهيونية (1997). دار الشروق. القاهرة.
- 4-مركلي بول (2004). الصهيونية المسيحية 1891-1948. ترجمة فاضل جتكر. ط قدمس للنشر والتوزيع. دمشق.
- 5-وودوارد بول (2024). الحرب. النسخة العربية. د.د.
- ب-مواقع إليكترونية:
- 1-الرشيدي أسامه. أصداء الرواية الإسرائيلية في حسابات شخصيات عربية عبر شبكات التواصل الاجتماعي ” إكس ” نموذجا. مركز الجزيرة للدراسات https://aljazeerajournal.aljazeera.net/article
- 2-العناني خليل. تفكيك الصهيونية العربية. الجزيرة نت https://www.aljazeera.net/opinions/2023/11/26
- 3-خلف كمال. ظواهر شاذة في زمن الحرب المصيرية، من هم الصهاينة العرب؟ رأي اليومhttps://2u.pw/ErbJN7S0
- 4-دالاتي يمان. عصر الانفصام العربي… مهرجانات الترفيه تزدحم رغم المأساة والإبادة في غزة. نون بوستhttps://www.noonpost.com/259269
- 5-سينغ مايكل. محور اتفاقات إبراهيم: التطبيع العربي الإسرائيلي قد يعيد تشكيل الشرق الأوسط. معهد واشنطن للدراسات https://www.washingtoninstitute.org/pdf/view/17294/ar
- 6-عبد السلام مصطفى. الصهاينة العرب… “استحوا على حالكم”. العربي الجديدhttps://www.alaraby.co.uk/economy
- 7-عريقات صائب. ميلاد الصهاينة العرب العلني. وكالة وفا https://www.wafa.ps/Pages/Details/8148
- 8-عنان عماد. الإعلام العربي وحرب غزة.. مقاربات توثق الخذلان. نون بوست https://www.noonpost.com/181473
- 9-عواض محمد. محددات الاستراتيجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وتوابعها: العراق نموذجًا (2003-2023)، مجلة السياسة الدولية https://2u.pw/ZegZpfsf
10- من وعد بلفور إلى إعلان إسرائيل… الانتداب البريطاني في فلسطين. الجزيرة نتhttps://www.aljazeera.net/encyclopedia/2021/11/25
- 11-هنيد محمد. الصهاينة العرب… قراءة في البنية والوظيفة. عربي21 https://arabi21.com/story/1559380

