د. علي الرحبي
باحث متخصص في الاجتماع السياسي
الملخص التنفيذي
تؤكد هذه الدراسة، أن الاستراتيجية الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب ذات طبيعة شاملة، وتركز على تعزيز النفوذ الاستراتيجي العسكري والاقتصادي، وقد جرى تنفيذها عن طريق التمركز غير المباشر في جزر القرن الإفريقي، وبناء التحالفات الإقليمية، وتطوير مشاريع البنية التحتية الكبرى.
تهدف الاستراتيجية الإسرائيلية إلى تحقيق التفوق الجيوسياسي وتأمين المصالح الحيوية، وتُنفذ هذه الاستراتيجية عن طريق بناء شبكة من التحالفات الأمنية، وتأمين نقاط تمركز على طول الساحل الإفريقي، وتطوير مشاريع نقل الطاقة.
وتؤدي هذه التطورات الاستراتيجية إلى زيادة مخاطر عسكرة المنطقة، وتفرض ضغوطًا متزايدة على الدول المطلة، لاسيما اليمن، الذي يجد أمنه القومي معرضاً لتداعيات التنافس الإقليمي والدولي على هذا الممر الحيوي.
وخلصت الدراسة إلى أن البحر الأحمر لم يعد مجرد ممر تجاري، بل صار مسرحًا مركزيًا لتصادم المصالح، وتمثل حماية السيادة اليمنية واستعادة السيطرة على جزرها وموانئها ركيزة أساسية للأمن العربي الجماعي.
وأدى الموقع الاستراتيجي لليمن إلى أن يكون هدفًا مستمرًا للطموحات الإسرائيلية والأمريكية، سواء عن طريق السيطرة المباشرة على الجزر أم عبر دعم عملاء محليين.
وفي معركة طوفان الأقصى، نجحت التكتيكات العملياتية اليمنية في إحداث أثر استراتيجي كبير من حيث الجمع بين قدرات صاروخية وطائرات مسيّرة وأدوات بحرية منخفضة الكلفة؛ أنتج نموذج ردع عملي يعيق قدرات الدفاعات التقليدية لدى الخصوم، فيما نجحت الاستجابة الغربية جزئيًا على المستوى التكتيكي، لكنها فشلت في الحسم الاستراتيجي؛ فعمليات التحالف قلّلت من فاعلية بعض الهجمات، لكنها لم تُلغِ القدرة اليمنية على القيام بعمليات متكررة ومستدامة.
إضافة إلى أن الفرق الكبير بين تكلفة الطلقة الهجومية وتكلفة الاعتراض جعل من المعركة في البحر الأحمر ساحة استنزاف مالي للدول المتقدمة المزوّدة بمنظومات دفاعية متطورة، وأدى فشل الردع العسكري الغربي في مواجهة حرب غير متكافئة إلى إعادة تشكيل مفاهيم الأمن البحري في المنطقة.
كما توصلت الدراسة إلى أن المشروع الإسرائيلي في المنطقة ليس مجرد استجابة ظرفية، بل هو امتداد لتوجهات استراتيجية ثابتة، تتجدد في سياق التحولات الإقليمية الأخيرة، وعلى رأسها اتفاقيات التطبيع، وتشير النتائج إلى أن الحفاظ على السيادة البحرية اليمنية يمثل حجر الزاوية في صون الأمن الإقليمي وحماية وسلامة طرق الملاحة العالمية، وإلى أن الفاعل اليمني نجح في تحقيق «ردع عابر المدى» مكّنه من تعطيل منظومات الأمن البحري الدولي، وفرض تكلفة اقتصادية وعسكرية غير مسبوقة على الكيان الإسرائيلي وحلفائه، مما أدى إلى تآكل مصداقية الردع الغربي، وتحوّل اليمن إلى فاعل إقليمي لا يمكن تجاهله في معادلة الأمن في البحر الأحمر، إضافة إلى أن الانقسام الدولي حول الأزمة، منح اليمن نفوذًا سياسيًا ودبلوماسيًا كبيرًا، ما يعزز مكانة صنعاء بوصفها قوة تفاوضية.
وتعتمد الدراسة المنهج الوصفي – التحليلي الذي يرتكز على الأطر النظرية للتحليل الجيوسياسي والصراع الإقليمي، ومقاربة جيواستراتيجية، تستند إلى نظرية الردع غير المتكافئ؛ لتحليل الأبعاد العسكرية والاقتصادية والسياسية للمواجهة.
الكلمات المفتاحية: البحر الأحمر، مضيق باب المندب، الاستراتيجية البحرية الإسرائيلية، الأمن القومي اليمني، الجغرافيا السياسية، النفوذ الإقليمي، نظرية الردع غير المتكافئ، استراتيجية فرض التكلفة، مفهوم وحدت الساحات.
المقدمة والمسوغات البحثية
أولًا: الخلفية والأهمية الجيواستراتيجية:
يحتل البحر الأحمر ومضيق باب المندب مكانة محورية ضمن منظومة الأمن الإقليمي والدولي، لكونهما يمثلان شريانًا حيويًا لتجارة النفط والغاز وحركة النقل العالمية بين القارات. أفضت هذه الأهمية إلى جعل المنطقة مسرحًا دائمًا لتنافس القوى الكبرى والقوى الإقليمية الصاعدة، وفي مقدمتها إسرائيل، التي سعت منذ احتلالها لفلسطين (1948)، إلى ترسيخ وتأمين حضورها البحري.
ترتبط الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه البحر الأحمر بعقيدة أمنية ثابتة، ترى في السيطرة على هذا الممر المائي عنصرًا أساسيًا، لضمان التواصل البحري مع قارتي إفريقيا وآسيا، وتحييد أي محاولة لحصار بحري من قبل الخصوم الإقليميين، وقد تجسد هذا التوجه عمليًا باحتلال قرية «أم الرشراش» عام 1949م (ميناء إيلات لاحقًا)، وهو ما مثل الانطلاق العملي للتمدد الإسرائيلي نحو البحر الأحمر، وصولًا إلى السعي لإيجاد نقاط ارتكاز في الممرات الجنوبية، وتحديداً عند مضيق باب المندب، سواء بواسطة قواعد عسكرية مباشرة أم بواسطة بناء تحالفات استراتيجية مع دول القرن الإفريقي.
ثانيًا: مسوغات الدراسة وأهميتها:
تكتسب هذه الدراسة أهميتها من الآتي :
في ضوء المتغيرات الراهنة التي تشهدها المنطقة، التي تشمل تصاعد موجات التطبيع الإقليمي، واشتداد التنافس الدولي على الممرات البحرية، وصعود اليمن فاعلًا إقليميًا في المنطقة منذ معركة طوفان الأقصى (2023)؛ إذ باتت الجغرافيا اليمنية عنصرًا حاسمًا في معادلة الأمن البحري العالمية.
تُعد هذه الدراسة ضرورية لأنها تُحلل أبعاد ظاهرة الردع عابر المدى في بيئة النزاعات غير المتكافئة، مما يُثري أدبيات الأمن القومي في منطقة الشرق الأوسط.
أنها تلامس نقطة تماس حرجة تجمع بين: الأمن البحري العالمي، الاقتصاد السياسي الدولي، وحروب الوكالة الإقليمية.
تهدف هذه الدراسة إلى:
تقديم إسهام معرفي معمق لفهم الأبعاد الجيوسياسية للاستراتيجية الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، واستشراف آثارها المستقبلية في الأمن القومي اليمني والإقليمي، ويسعى إلى توفير رؤية علمية يمكن أن تدعم صياغة سياسات دفاعية واستراتيجية متوازنة على المستوى العربي.
القياس الكمي والنوعي للتكاليف الاقتصادية والعسكرية المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن عمليات الإغلاق البحري.
تقييم مدى نجاح استراتيجيات التحالفات الغربية مثل (حارس الازدهار) في استعادة الردع المفقود.
ثالثاً: إشكالية البحث ومنطلقاتها النظرية:
تُعد المواجهة العسكرية اليمنية المُعلنة والمُباشرة ضد الكيان الإسرائيلي وحلفائه في البحر الأحمر، التي بدأت بعد أحداث أكتوبر 2023، ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الصراع
العربي – الإسرائيلي من الناحية العملياتية، فبدلاً من مواجهة عسكرية على جبهات تماس تقليدية، نشأت «جبهة جنوبية» مُنفصلة جغرافياً، استطاعت توظيف الجغرافيا السياسية للموقع لفرض نفوذ استراتيجي؛ لذا تكمن الإشكالية البحثية في الآتي:
تنبع إشكالية هذا البحث من التنامي الملحوظ للنشاط البحري الإسرائيلي في منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وتحوله إلى تحدٍّ مباشر للأمن القومي العربي واليمني على وجه الخصوص؛ إذ يشكل الموقع الجغرافي الفريد الذي يشغله اليمن على المدخل الجنوبي لهذا الممر البحري الحيوي عامل جذب رئيس لمشاريع الهيمنة الإقليمية والدولية.
تحليل الدور غير التقليدي الذي أداه الفاعل اليمني في سياق الحرب الراهنة، وكيف استطاع أن يؤثر في معادلة الصراع الإقليمي على رغم الفارق الهائل في القوة العسكرية.
ويطرح البحث التساؤلات المحورية الآتية:
ما الطبيعة والماهية للأهداف الاستراتيجية والمشاريع الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب؟
ما الآليات والأدوات التي يوظفها الكيان الإسرائيلي لتعزيز نفوذه في هذه المنطقة الاستراتيجية؟
كيف تنعكس وتتجسد هذه الاستراتيجيات على الأمن القومي اليمني، لاسيما على السيادة البحرية للدولة؟
ما الآليات العسكرية والتكتيكية التي اعتمد عليها الفاعل اليمني لفرض التكلفة الاستراتيجية (المادية والعملياتية) على منظومات الدفاع الغربية والإسرائيلية؟
كيف أثرت المواجهة في البحر الأحمر في ديناميكيات القوة الإقليمية والدولية (روسيا، الصين، الاتحاد الأوروبي)؟، وهل أدت إلى تآكل مصداقية الردع الأمريكي؟
إلى أي مدى نجح الفاعل اليمني في تحويل الأمن البحري العالمي إلى ورقة ضغط لانتزاع اعتراف سياسي وخدمة أهداف «وحدة الساحات»؟
رابعاً: أهداف الدراسة:
تسعى الدراسة إلى تحقيق الأهداف الآتية:
التحليل العميق: تحليل البنية والأهداف الكامنة وراء المشاريع والاستراتيجيات الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
تحديد الأثر: توضيح الأثر الاستراتيجي والعملي للوجود الإسرائيلي المتزايد في الأمن القومي اليمني والعربي.
دراسة العوامل الجيوسياسية: استقصاء العوامل الجيوسياسية التي رسّخت من محورية البحر الأحمر بؤرة للصراع الدولي والإقليمي.
تفكيك وتحليل استراتيجية حماية المصالح الإسرائيلية العابرة للمدى ومحاولات تدمير القدرات اليمنية.
تحليل القدرات العسكرية والتكتيكية المُستخدمة (الصواريخ، المسيّرات، العمليات البحرية) وأثرها الاستراتيجي.
تقييم الأثر الاقتصادي والعسكري العملي لعمليات الردع البحري اليمنية في إسرائيل والقوى الغربية.
اقتراح الحلول: اقتراح آليات استراتيجية وخطوات عملية لتعزيز الموقف اليمني والعربي الموحد في مواجهة التحديات الأمنية الناجمة عن التوسع الإسرائيلي.
خامساً: منهجية الدراسة:
اعتمدت هذه الدراسة على مزيج من المناهج العلمية؛ لضمان تحليل شامل وموثوق:
المنهج الوصفي – التحليلي: يُستخدم هذا المنهج بوصفه الأداة الأساسية لدراسة الظواهر الجيوسياسية المركبة، ويتيح وصف وتحليل الوقائع الميدانية والتحولات السياسية والعسكرية في إطار نظري متكامل.
المنهج التاريخي: لتعقب الجذور وتطور الاستراتيجية الإسرائيلية في البحر الأحمر منذ عام 1948م حتى اللحظة الراهنة، وذلك عن طريق مراجعة دقيقة للوثائق والمصادر الأكاديمية والتقارير الاستخباراتية.
تحليل المضمون: جرى الاعتماد على تحليل المضمون لمجموعة من الخطابات الرسمية، والتقارير الصادرة عن مراكز الأبحاث الدولية والإسرائيلية والإقليمية، للكشف عن الأنماط السلوكية والتوجهات السياسية التي تشكل المشروع الإسرائيلي في المنطقة.
التحليلي الاستراتيجي: القائم على تفكيك الأحداث الجارية وربطها بالمفاهيم النظرية في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية.
جمع البيانات: اعتمد البحث على مصادر أولية وثانوية، شملت الأطر النظرية في الكتب الأكاديمية، والدراسات المحكمة المنشورة في الدوريات المتخصصة، والتقارير الصادرة عن مراكز الدراسات الاستراتيجية.
المبحث الأول: الإطار النظري والتحليلي
أولًا: الأهمية الجيوستراتيجية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب:
البحر الأحمر (الموقع والمحورية): يقع البحر الأحمر بين القارتين الآسيوية والإفريقية، ويمتد على مساحة تبلغ حوالي 438,000 كيلومتر مربع، بطول يصل إلى نحو 1,900 كيلومتر[1]، وتكمن محورتيه في أنه يربط المتوسط بالمحيط الهندي عن طريق قناتي السويس وباب المندب، ما يجعله شريانًا حيويًا لا غنى عنه للتجارة العالمية ونقل الطاقة.
مضيق باب المندب (نقطة الاختناق الاستراتيجية): بتموضع مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، ويفصل بين الساحل اليمني والساحل الجيبوتي-الإريتري، يبلغ عرضه في أضيق نقطة حوالي 30 كيلومترًا، وهذا ما يضعه في مصاف نقاط الاختناق (Chokepoints) الأكثر حساسية على مستوى العالم[2]، وتشير التقديرات إلى أن ما يقارب 12% من التجارة العالمية وأكثر من 7 ملايين برميل من النفط يوميًا يمر عبر هذا الممر[3].
الأهمية الجيوسياسية والأمنية: لا تقتصر الأهمية الاستراتيجية للمضيق على البعد الاقتصادي فحسب، بل تمتد لتشمل أبعادًا عسكرية وأمنية؛ إذ يمثل نقطة تلاقِِ حاسمة للمصالح الغربية، والإسرائيلية، والعربية. تشير الدراسات الإسرائيلية المعاصرة إلى أن البحر الأحمر هو «المتنفس الجنوبي» للأمن القومي لكيان الاحتلال، بوصفه منفذًا وحيدًا نحو المحيط الهندي وشرق آسيا[4]؛ إذ يتيح تجاوز الحصار التقليدي والوصول الاستراتيجي إلى المحيط الهندي وشرق إفريقيا[5]، وهذا ما جعل السيطرة على باب المندب جزءًا لا يتجزأ من العقيدة الأمنية الإسرائيلية، ليس فقط لتأمين التجارة، بل لضمان استمرار خطوط الإمداد العسكرية واللوجستية.
الجزر اليمنية: تتمتع الجزر اليمنية، لاسيما بريم (ميون) الواقعة عند مدخل باب المندب، بأهمية إشرافية استراتيجية، كذلك جزيرة زقر التي تتميز بقيمتها الاستراتيجية بفضل ارتفاعها الذي يتيح إمكانية مراقبة الأنشطة البحرية ورصدها[6]. وقد أكدت دراسات سابقة أن هذه الجزر يمكن أن تُستخدم «نقاطًا تكتيكية» للسيطرة على الملاحة[7]. تاريخياً، تعرضت هذه الجزر لاهتمام قوى استعمارية (البرتغال، بريطانيا)، وحالياً للنفوذ الإقليمي والدولي المتزايد [8].
ثانيًا: الموقع اليمني في معادلة الأمن البحري الإقليمي:
يتمتع اليمن بموقع جيوسياسي فريد يجعله الطرف الأكثر تأثيراً في أمن البحر الأحمر؛ إذ يشرف على نحو 450 كيلومترًا من السواحل، ويمتلك قرابة 180 جزيرة، أبرزها جزيرة ميون الواقعة في قلب مضيق باب المندب.
يشكل هذا الموقع نقطة تماس بين ثلاثة فضاءات أمنية متداخلة (الخليج العربي، القرن الإفريقي، والمحيط الهندي)، وهو ما رسّخ من محورية اليمن في استراتيجيات القوى العالمية. من منظور الأمن القومي، تعني السيطرة على الممرات المائية اليمنية التحكم في الاقتصاد الإقليمي وموازين القوى البحرية. وقد أكدت تقارير بحثية حديثة أن اليمن، على الرغم من تحدياته الداخلية يظل «القلب الجغرافي للأمن البحري العربي»[9].
ثالثًا: الأطر النظرية لتفسير الصراع:
يمكن تأطير التنافس المحتدم حول البحر الأحمر ومضيق باب المندب في ضوء النظريات الجيوبوليتيكية الآتية:
نظرية القوة البحرية (Sea Power Theory) لألفريد ماهان: التي تُعدٌّ السيطرة على الممرات البحرية الحيوية مفتاح النفوذ العالمي، وعليه، فإن الصراع على البحر الأحمر هو في جوهره صراع على النفوذ العالمي.
مقاربة الأمن الإقليمي (Regional Security Complex Theory) لباري بوزان: التي تفسّر تأثير التشابكات والتحالفات الإقليمية في إعادة تشكيل البنية الأمنية البحرية؛ إذ لا يمكن عزل الصراع في البحر الأحمر عن التفاعلات الدائرة في الخليج والبحر المتوسط.
نظرية الأمن القومي: التي تعرفأنها «قدرة الدولة على حماية مصالحها الحيوية من التهديدات الداخلية والخارجية» [10]، تُطبق هذه النظرية لتحليل تأثير التوسع الإسرائيلي على القدرة اليمنية في تأمين مصالحها البحرية.
نظرية الردع غير المتكافئ وتكتيك «فرض التكلفة»: تندرج العمليات اليمنية ضمن أدبيات الردع غير المتكافئ (إذ لا يسعى الفاعل الأضعف إلى هزيمة الخصم بشكل كلي، بل إلى تحقيق ما يسميه (Robert Jervis) «الردع بالخطر المُحتمل» (Deterrence by Risk)
فرض التكلفة: يتمثل نجاح هذه الاستراتيجية في إجبار الخصم على إنفاق موارد ضخمة للدفاع ضد تهديدات منخفضة التكلفة، على سبيل المثال، استخدام صواريخ اعتراضية مُكلفة، مثل ( Arrow-3 بـ 4 ملايين دولار أمريكي للوحدة) لمواجهة طائرات مسيّرة لا تتجاوز تكلفتها عشرات الآلاف من الدولارات( Norskluftvern. 2025 )، ويُشير د. فؤاد الياسين إلى أن الهدف هو «جعل تكلفة الدفاع على الخصم أعلى بكثير من تكلفة الهجوم» كجزء من نظرية المحاور الاستراتيجية في المنطقة[11].
تحوّل الردع الإسرائيلي: انتقل الكيان الإسرائيلي من التركيز على الردع المباشر (الجبهات المتلاصقة) إلى ضرورة التصدي للتهديدات العابرة للقارات والمدى، مما خلق «جبهة جنوبية غير متصلة» تفرض تحدياً لوجستياً وعملياتياً جديداً على قيادة الأركان الإسرائيلية[12].
مفهوم «وحدة الساحات»: ينطلق الفاعل اليمني في صراعه من فكرة «وحدة الساحات»، التي تهدف إلى ربط صراع محلي في اليمن بمواجهة الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي على نطاق إقليمي، تؤكد هذه الاستراتيجية على أن “التهديدات الميدانية في البحر الأحمر يمكن أن تكون أداة ضغط سياسية ودبلوماسية”، ترتبط بمتطلبات وقف العدوان على غزة، كما صرح المتحدث العسكري اليمني[13].
المبحث الثاني: الاستراتيجية الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب
أولًا: الجذور التاريخية للاستراتيجية الإسرائيلية:
تعود الرؤية الإسرائيلية للبحر الأحمر إلى مرحلة ما قبل إعلان الكيان، إذ أدركت الحركة الصهيونية الأهمية الجيوبوليتيكية للمنطقة بوصفه منفذًا حيويًا، في عام 1949م، كان احتلال قرية أم الرشراش المصرية، مؤسسًا بذلك أول موطئ قدم إسرائيلي، وقد صرح ديفيد بن غوريون آنذاك بأن السيطرة على هذا البحر تمثل «المنفذ الجنوبي لإسرائيل نحو العالم[14]».
اعتمدت إسرائيل منذ ذلك التاريخ استراتيجية متعددة المراحل للتحكم في الممرات البحرية، شملت بناء تحالفات وثيقة مع دول القرن الإفريقي (كإريتريا وإثيوبيا) وتوظيف القواعد البحرية والاستخباراتية؛ لرصد حركة الملاحة، وتؤكد دراسات حديثة تطور هذا الوجود الاستخباراتي والعسكري، لاسيما بعد عام 2015، ليتم عن طريق تنسيق أمني غير معلن مع بعض القوى الإقليمية الأخرى[15].
ثانيًا: الأبعاد الاستراتيجية الأمنية والعسكرية الإسرائيلية:
تتركز الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية حول حماية حرية الملاحة في المضيق قضية «وجودية»، لاسيما بعد حوادث إغلاق سابقة خلال فترات الصراع العربي-الصهيوني[16]، على ركائز استراتيجية رئيسة:
ضمان أمن الملاحة: تأمين حرية الملاحة الإسرائيلية وحماية خطوط الإمداد التجارية والعسكرية مع إفريقيا وآسيا عبر ميناء أم الرشراش «إيلات» ومن خلال الانتشار الاستخباري؛ إذ تشير دراسات تاريخية إلى محاولات إسرائيلية للسيطرة على الجزر اليمنية، كما جاء في توصيات بعثة عسكرية إسرائيلية في عام 1970، دعت إلى ضرورة توسيع النفوذ والتواجد؛ ليشمل جزر الطير، كمران، وحنيش الصغرى، وميون[17].
موازنة النفوذ: مواجهة النفوذ المتنامي للقوى الإقليمية المنافسة (إيران) والقوى الدولية مثل (روسيا) في المنطقة، من خلال تعزيز التحالفات مع الأساطيل الغربية.
التطويق الجغرافي: استكمال تطويق الأمن العربي عن طريق الوجود البحري على جانبي البحر الأحمر (الشمالي والجنوبي)، بحيث يشكلان منظومة أمنية متكاملة للكيان من خلال التمركز وبناء القواعد العسكرية؛ إذ تؤكد تقارير متخصصة أن إسرائيل تعمل على تعزيز تواجدها غير المباشر عبر الشراكات الأمنية، وتفيد مصادر عسكرية بوجود ترتيبات تسمح بالتمركز العسكري أو اللوجستي في مواقع استراتيجية في دول القرن الإفريقي، ويشمل ذلك استئجار جزر في إريتريا، مثل حاليب وفاطمة وسنتيان وديميرا؛ لإقامة قواعد عسكرية أو نقاط استخباراتية[18].
التحكم الاقتصادي: التحكم في الممرات التجارية العالمية التي يمر منها ما يزيد عن 10% من حركة التجارة الدولية.
تسعى إسرائيل ضمن رؤيتها «الأمنية التوسعية»، إلى ترسيخ وجود عسكري دائم ومشرعن في المياه الدولية القريبة من الشواطئ العربية، تحت ذريعة مكافحة «القرصنة والإرهاب»، وقد أكد تقرير لمعهد دراسات الأمن القومي[19] أن أمن إسرائيل مستقبلاً سيعتمد على «سيطرة بحرية ذكية في البحر الأحمر والمحيط الهندي».
ثالثًا: آليات وأدوات تنفيذ الاستراتيجية الإسرائيلية:
تعتمد إسرائيل على مزيج من الأدوات الصلبة والناعمة «الأدوات السياسية والعسكرية والاستخباراتية»؛ لضمان نفوذها في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ولتحقيق هيمنتها البحرية، من أبرزها:
1-الوجود العسكري المباشر:
عملت إسرائيل على نشر غواصات وسفن مراقبة بالتنسيق مع القوات الغربية، وإنشاء قواعد لوجستية واستخباراتية متقدمة في الجزر والموانئ الإفريقية في إريتريا وجيبوتي وجزر البحر الأحمر، تحت غطاء التعاون الأمني أو مكافحة القرصنة، وتشير تقارير دولية إلى وجود محطات رصد إسرائيلية في جزر مثل «دهلك» و«حالب»، تُستخدم لمتابعة حركة السفن العربية والإيرانية في المنطقة.
2-التحالفات الإقليمية والسياسية:
يعمل الكيان على تعزيز تحالفاته مع الدول المحيطة بالبحر الأحمر، ضمن استراتيجية أمنية أوسع (نظرية الطرف المحيطي)، تشمل التعاون مع دول الخليج والتطبيع مع السودان؛ بهدف تأسيس مظلة أمنية إقليمية؛ تُعزز من تفوقها الاستراتيجي في المنطقة[20]، وقد نجحت إسرائيل في توظيف علاقاتها الدبلوماسية مع عدد من الدول الإفريقية والعربية، وإقامة علاقات تعاون أمني واستخباراتي مع دول إقليمية (كالإمارات وإريتريا)، وقد استفادت من التحالفات الجديدة في المنطقة، خصوصًا مع الإمارات، والسعودية؛ لتوسيع مجالها الأمني والاستخباراتي في البحر الأحمر حتى مضيق باب المندب، والمشاركة في المنظمات الإقليمية والمبادرات الأمنية مثل (محاولة الحصول على صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي)، وهو ما تصدت له الجزائر بكل حزم.
3-الاختراق الاقتصادي والاستثماري:
تتكامل الأهداف الاقتصادية الإسرائيلية مع الأهداف الأمنية؛ لتعزيز موقعها التجاري والجيو اقتصادي؛ إذ توظف الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية، ونقل التكنولوجيا الزراعية، ومشاريع الطاقة المتجددة في دول القرن الإفريقي؛ لتعزيز النفوذ غير المباشر، وتسعى إسرائيل اليوم لمد أنابيب النفط والغاز من الخليج العربي إلى البحر المتوسط في أراضيها، مما يعزز من أهمية موقعها مركزًا للتجارة والطاقة، ومن المشاريع المطروحة:
مشروع ناقل البحرين (ربط البحر الأحمر مع البحر الميت).
إقامة طرق مواصلات وسكك حديدية إقليمية تربط البحر الأبيض المتوسط بالخليج العربي[21].
4- توظيف التطبيع العربي:
استخدام التطبيع غطاء دبلماسيًا لتوسيع نطاق تحركاتها البحرية تحت مظلة «الأمن الإقليمي المشترك»؛ الأمر الذي مكنها من «تحقيق حضور غير مسبوق في البنية الأمنية للبحر الأحمر»[22].
رابعًا: استهداف الجزر والممرات اليمنية:
تؤكد الدراسات أن الجزر اليمنية، لاسيما ميون (بريم) وأرخبيل حنيش، تمثل نقاط ارتكاز رئيسة ضمن الرؤية الإسرائيلية للتحكم في باب المندب، وتشير تقارير استخباراتية وتحليلية [23]، إلى وجود نشاط عسكري واستخباراتي مشترك بين قوى إقليمية وإسرائيلية في جزيرة ميون، يهدف إلى مراقبة حركة الملاحة وتوجيه الطائرات المسيرة، ويُعدّ هذا النشاط مؤشرًا على أن اليمن يشكل الهدف الأكثر حساسية في الاستراتيجية البحرية الإسرائيلية، بوصفه آخر الشواطئ العربية غير الخاضعة بالكامل للهيمنة الإقليمية والدولية.
المبحث الثالث: تداعيات التوسع الاسرائيلي على الأمن القومي اليمني
يمثل التوغل الإسرائيلي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب تهديداً مباشراً للأمن القومي اليمني؛ نظراً لموقعه الجغرافي الحاسم في نقطة اختناق المضيق، ويمكن تصنيفه إلى عدة مستويات:
أولًا: الأثر الأمني والعسكري:
1-تآكل السيادة البحرية:
يُعد الساحل الغربي اليمني «الحصن العربي» الوحيد الخارج عن السيطرة الأمريكية المباشرة؛ لذا سعت القوى الإمبريالية والكيان الإسرائيلي لإيجاد موطئ قدم في الساحل اليمني بواسطة أدواتها المدعومة من الإمارات والسعودية، إضافة إلى زيادة الضغوط العسكرية والاستخباراتية على المياه الإقليمية اليمنية، ومحاولة «تدويل باب المندب»[24].
وتشير تقارير متعددة إلى أن إسرائيل تمتلك وجودًا استخباراتيًّا في جزر دهلك الإريترية، وفي بعض المواقع القريبة من جزيرة ميون اليمنية، وأنها تسعى إلى مراقبة حركة السفن في مضيق باب المندب، بما في ذلك السفن الإيرانية واليمنية، وأدى التغلغل الإسرائيلي غير المباشر عن طريق التحالفات الإقليمية إلى تحويل السواحل والجزر اليمنية إلى مسرح تنافس عسكري متعدد الأطراف مما يهدد استقرار الملاحة المدنية والتجارة اليمنية، ويُعقد المشهد الأمني على الساحل الغربي؛ إذ تحولت جزيرة ميون – على وجه الخصوص – إلى موقع لقاعدة عسكرية مشتركة منذ عام 2016، مما أدى إلى إضعاف حاد للسيادة البحرية اليمنية وقدرتها على المراقبة[25].
2-التطويق الجغرافي:
تسعى إسرائيل إلى إحكام التطويق الجغرافي للبحر الأحمر بواسطة قواعدها في إيلات شمالًا، ووجودها الاستخباراتي والعسكري في القرن الإفريقي جنوبًا، ما يجعل اليمن محاطًا بنقاط ارتكاز إسرائيلية.
3-زيادة احتمالية التصعيد:
أشار تقرير المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية[26] إلى أن النزاع في اليمن يمثل «فرصة استراتيجية لإسرائيل لتثبيت نفوذها»، ما يحوّل البحر الأحمر إلى ساحة مواجهة غير معلنة ترفع من مخاطر التصعيد البحري.
ثانيًا: الأثر الاقتصادي والتجاري:
1-تهديد الموارد السيادية:
يمتلك اليمن ممرًا بحريًا فريدًا تمرّ منه نحو 6.2 ملايين برميل من النفط يوميًا [27]. إن السيطرة الأجنبية على المضيق والجزر المجاورة تشكل تهديدًا مباشرًا لموارد الدولة اليمنية، وتقيّد قدرتها على الاستفادة من موقعها الجغرافي في تنشيط الاقتصاد الوطني من رسوم الملاحة والموانئ.
2-التأثير في التجارة اليمنية:
أي اضطراب أو عسكرة للمضيق يؤثر سلباً ومباشرة في الموانئ اليمنية وحركة الاستيراد والتصدير.
3-ارتفاع تكاليف النقل:
يؤدي تحويل البحر الأحمر إلى منطقة نزاع مفتوح إلى تراجع الاستثمارات وارتفاع حاد في تكاليف الشحن والتأمين للسفن المارة، ما يضر بشكل مباشر بالاقتصاد اليمني والاقتصادات العربية المتشاطئة، وقد أدت التوترات الأخيرة إلى انخفاض حركة التجارة في المضيق بنسبة تصل إلى 40% [28].
ثالثًا: الأثر السياسي والسيادي:
1-تآكل القرار السيادي:
تسعى استراتيجية إسرائيل والقوى الإقليمية والدولية إلى إضعاف القرار السيادي لليمن عن طريق إقامة قواعد عسكرية، وتهميش دوره في المبادرات الأمنية الإقليمية، كـ «مجلس البحر الأحمر وخليج عدن» (2020).
2-عزل اليمن جيوسياسيًا:
إن غياب التمثيل الفعال لليمن في التحالفات البحرية يجعل القرارات المتعلقة بأمن مياهه الإقليمية تُتخذ دون مشاركته المباشرة، مما يؤدي إلى «تآكل السيادة اليمنية البحرية» وتراجع دوره الجيوسياسي[29].
3- سباق التسلح:
وجود إسرائيل أو حلفائها جوار اليمن يُسهم في تعزيز سباق التسلّح البحري والإقليمي، ما يدفع الدول المشاطئة للبحر الأحمر إلى تخصيص موارد مالية ضخمة للإنفاق العسكري على حساب التنمية الداخلية، ويجعل المنطقة عرضة للتوتر الدائم.
4-استغلال حالة الصراع في اليمن والموقف اليمني المساند لغزة لتبرير الوجود العسكري والاستخباراتي بذريعة محاربة أنصار الله و«الإرهاب»، أو « ضمان أمن التجارة الإسرائيلية والدولية».
رابعًا: الأثر الاجتماعي:
وجود إسرائيل أو حلفائها جوار اليمن يسهم في زيادة التوترات الإقليمية وتغذية النزاعات الداخلية، فكلّما اشتدّ التنافس الدولي على الممرات البحرية، زادت محاولات القوى الخارجية لاستخدام بعض الأطراف المحلية أدوات نفوذ؛ الأمر الذي يُعمّق الانقسام، ويُضعف الوحدة الوطنية على المدى البعيد، ويشكّل استمرار هذا الوضع خطرًا على الأمن الإنساني والاجتماعي في اليمن؛ إذ يؤدي إلى تراجع التنمية الساحلية وازدياد الهجرة غير الشرعية والصيد غير المشروع، وكلها عوامل مرتبطة بضعف السيطرة على السواحل والمياه الإقليمية.
المبحث الرابع: المواجهة العسكرية اليمنية مع الكيان الصهيوني (طوفان الأقصى)
تُعد المواجهة العسكرية اليمنية المُعلنة والمُباشرة ضد الكيان الإسرائيلي وحلفائه في البحر الأحمر، التي بدأت بعد أحداث أكتوبر 2023، ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي من الناحية العملياتية، فبدلاً من مواجهة عسكرية على جبهات تماس تقليدية، نشأت «جبهة جنوبية» مُنفصلة جغرافياً، استطاعت توظيف الجغرافيا السياسية للموقع لفرض نفوذ استراتيجي.
أولًا: تحليل القدرات العسكرية والتكتيكات العملياتية:
منظومة الأسلحة اليمنية وتطورها:
أظهرت السنوات (2023–2025) تغيّرًا نوعيًا في تركيب الترسانة اليمنية وطريقة توظيفها، باتجاه تعزيز قدرات الردع عابر المدى عن طريق مزج تقنيات متنوِّعة: صواريخ باليستية، طائرات مسيّرة (مهاجمة وانتحارية)، وخيارات بحرية، مثل طائرات مسيّرة بحرية، وزوارق مفخخة ومسيّرات بحرية. هذا التكييف لم يكن مجرّد تحديث تقني، بل كان تغييرًا تكتيكيًا واستراتيجيًا؛ يهدف إلى تحقيق أقصى أثر بأدنى تكلفة نسبية، وإحداث اختلال في موازين الدفاع لدى الخصوم. تقارير تحليلية مرموقة تُشير إلى أن الهجمات توسعت من نطاق البحر الأحمر إلى المحيط الهندي خلال عام 2024، ما دلَّ على قدرة اليمن على توسيع نطاق العمليات البحرية[30].
جدول يوضح اهم منظومات الأسلحة اليمنية في مواجهة الردع الصهيوني
| فئة السلاح | الخصائص والتكتيك | الأثر الاستراتيجي |
| الصواريخ الباليستية متوسطة المدى (MRBM) | تستخدم ضد العمق الإسرائيلي ام الرشراش (إيلات) ومواقع عسكرية واقتصادية أول استخدام من نوعه في محور المقاومة على هذا المدى[31]. | تحقيق الردع عابر المدى وتثبيت مفهوم «دولة المواجهة غير المباشرة». |
| الطائرات المسيّرة (UAVs) الانتحارية | رخيصة، سهلة التصنيع، وتتلقى تصحيحات منتصف المسار. تُستخدم للاستنزاف وتشتيت الدفاعات الجوية . | زيادة العبء المالي والعملياتي على أنظمة الدفاع الجوي المعقدة. |
| التكتيكات البحرية (الزوارق والمسيّرات البحرية) والغام | استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وتوسيع نطاق الاستهداف إلى المحيط الهندي. | فرض قيود تشغيليه على السفن الحربية والتجارية و الحصار الاقتصادي وإجبار شركات الشحن على تغيير مسارها (رأس الرجاء الصالح). |
التكتيكات العملياتية:
اتبعت العمليات اليمنية مزيجًا تكتيكيًا ديناميكيًا قائمًا على مبادئ البساطة والمرونة، واللامركزية، ويمكن تلخيص أبرز عناصرها كما يلي:
هجمات متعددة المحاور متزامنة: تنسيق ضربات جو بحرية وصاروخية على أهداف مدنية وعسكرية تسبب حالة من الارتباك وتشتيت جهود الدفاع، هذا الأسلوب أعاق تحييد التهديد بردود فعل نقطية.
استخدام مساحات بحرية واسعة: الانتقال التدريجي من تركيز الهجمات في مضيق باب المندب إلى مناطق بعيدة داخل البحر الأحمر والمحيط الهندي، بدأ الاستهداف بالسفن ذات الملكية الإسرائيلية المباشرة، ثم اتسع ليشمل أي سفينة متجهة إلى موانئ إسرائيل، ثم السفن التابعة للدول الداعمة للعدوان[32]، وقد تجاوز عدد الهجمات على الأهداف البحرية والعمق الإسرائيلي حاجز 190 هجوماً بين نوفمبر 2023 وأكتوبر 2024 [33]، ما أجبر السفن على تغيير مسارها ورفع تكاليف التشغيل والتأمين.
العمل بقدرات منخفضة الكلفة مقابل أنظمة دفاع غالية الثمن: استهدافات متكررة لطائرات حربية أو طائرات مسيّرة، مثل إم كيو 9 تحفّز إطلاق اعتراضات باهظة الثمن من منظومات متقدمة، وهو تجسيد عملي لاستراتيجية «فرض التكلفة». دراسات المقارنة الاقتصادية للمنظومات الاعتراضية تشير إلى فجوة واضحة في التكلفة بين الطلقة الهجومية والاعتراضية[34].
3- استدامة العمليات العسكرية وقابلية التعويض:
على الرغم من الضربات العقابية التي شنّها التحالف الأمريكي-البريطاني، أظهر الفاعل اليمني قدرة عالية على الاستدامة التشغيلية، وتعود هذه الاستدامة إلى:
التوزيع اللامركزي للقدرات: يجري تخزين الأسلحة ومنصات الإطلاق في مناطق جبلية وعرة يصعب استهدافها، مما يجعل القصف الجوي غير فعال في تدمير القدرات الأساسية، مرونة الإمداد: قدرة المرافق المتضررة على استئناف العمليات خلال مدة زمنية قصيرة (غالباً أقل من شهر)[35]
الأهداف العقائدية: يُعد الهدف من المواجهة، في إطار “وحدة الساحات”، هو إظهار «الجرأة وقبول الألم» في دعم القضية الفلسطينية، وهو ما يضمن استمرارية الدعم الشعبي وتدفّق المقاتلين[36].
ثانيًا: التداعيات الجيوسياسية على الردع الدولي:
إخفاق الردع الغربي وتآكل المصداقية الأمريكية، فقد كشفت العمليات اليمنية عن ضعف استراتيجي في منظومة الردع الغربية التي تقودها الولايات المتحدة، ما أدى إلى:
فشل عملية «حارس الازدهار»: لم تتمكن عملية «حارس الازدهار» على رغم مشاركة أكثر من 20 دولة، من تحقيق هدفها المعلن باستعادة حرية الملاحة المطلقة بشكل حاسم، وقد كانت المشاركة الإقليمية فيها محدودة للغاية؛ إذ اقتصرت على البحرين فقط، مما يُشير إلى تردد إقليمي في دعم مشروع عسكري أمريكي مباشر[37].
عجز الضربات الانتقامية: استمرار الهجمات اليمنية على رغم الضربات الجوية الانتقامية التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يُشير إلى قصور في الردع الحركي في مواجهة حرب غير متكافئة [38]، ويُشبه التعامل الغربي في هذا السياق بـ «لعبة ضرب الخلد»؛ إذ يُعاد بناء القدرات المدمرة سريعاً [39].
2. الانقسام الدولي وتشكيل محور مُعارض:
أدت الأزمة في البحر الأحمر إلى تعميق الانقسام الدولي، وكشفت عن تباين في الأولويات بين القوى العظمى:
الموقف الصيني والروسي: عند التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2722 (يناير 2024)، الذي أدان الهجمات، امتنعت كل من الصين وروسيا عن التصويت [40]، وبررتا موقفهما بالتركيز على ضرورة «وقف إطلاق النار في غزة» أولاً، ورفضتا ضمنياً التضييق على الفاعل اليمني دون معالجة جذر الصراع.
مطالبة بالاعتراف: أكدت القوى العظمى (الصين وروسيا) على ضرورة معالجة «الخلفية» التي أدت للهجمات (أي الصراع في غزة)، مما يمنح الفاعل اليمني نقطة اعتراف دولية بربط أمن الملاحة بالمسألة الفلسطينية.
3. الصعود كقوة تفاوضية وجيوستراتيجية
نجح الفاعل اليمني في تحويل أمن الملاحة العالمية من قضية اقتصادية إلى ورقة تفاوض سياسية قوية.
تثبيت الربط الاستراتيجي: تمثل العمليات العسكرية اليمنية تجسيداً عملياً لاستراتيجية «وحدة الساحات»، حيث تم ربط إنهاء الهجمات بشرط وقف العدوان على غزة [41].
مكتسبات سياسية: هذا التحول يُلزم القوى العالمية بالتعامل مع الفاعل اليمني على المستوى الاستراتيجي كطرف رئيسي لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات مستقبلية تتعلق بأمن البحر الأحمر والمنطقة.
النتائج والتوصيات :
أولًا: النتائج الرئيسة:
بعد التحليل الجيوسياسي والعسكري والاجتماعي والاقتصادي للاستراتيجية الإسرائيلية في البحر الأحمر، توصلت الدراسة إلى عدة نتائج رئيسة تعكس تداعيات المواجهة اليمنية–الإسرائيلية على الأمن الإقليمي والدولي:
الاستراتيجية الثابتة: المشروع الإسرائيلي هو امتداد لعقيدة استراتيجية تأسست منذ عام 1948م، هدفها الأساسي تأمين المجال الحيوي البحري وكسر الطوق العربي.
التحول نحو النفوذ الميداني: انتقلت إسرائيل من مرحلة النفوذ السياسي والاستخباراتي إلى مرحلة التواجد العسكري الميداني عن طريق التحالفات الإقليمية، لاسيما في الجزر والموانئ الاستراتيجية القريبة من مضيق باب المندب.
اليمن بؤرة الصراع: أدى التغلغل الإسرائيلي غير المباشر إلى إضعاف سيادة اليمن البحرية وتقليص دوره الإقليمي، كما أسهم في عسكرة الجزر والموانئ، وتحويلها إلى مناطق نفوذ أجنبي.
تداخل المصالح: لم تعد الاستراتيجية الإسرائيلية منفصلة عن الأهداف الأمريكية والغربية في المنطقة؛ إذ تتقاطع جميعها في ضمان السيطرة على طرق التجارة والطاقة العالمية.
العجز العربي: كشف الصراع عن ضعف في التنسيق العربي وغياب آلية دفاعية وأمنية موحدة بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر لمواجهة التمدد الإسرائيلي.
يمثل البحر الأحمر الشريان البحري الرئيس للاقتصاد الإسرائيلي؛ لأنه يربطها بالأسواق الآسيوية والإفريقية بواسطة ميناء أم الرشاش «إيلات»، ويضمن استمرارية التجارة والموارد الحيوية في حال إغلاق أي ممر آخر.
فاعلية الردع غير المتكافئ: أثبتت المواجهة العسكرية اليمنية نجاحًا كبيرًا في تطبيق نموذج الردع غير المتكافئ القائم على فرض التكلفة؛ إذ تجاوز الأثر الاستراتيجي للهجمات (شل الملاحة، استنزاف الدفاعات) بكثير القدرات المادية للفعل اليمني[42].
تآكل الردع الغربي: أظهرت الأزمة ضعفًا في قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على ضمان الأمن البحري المطلق في وجه تهديدات غير نمطية، مما أدى إلى تراجع مصداقية الردع الأمريكي والغربي[43].
إعادة تعريف الجغرافيا السياسية: نجح الفاعل اليمني في تحويل مضيق باب المندب إلى أداة ضغط سياسية وجيوستراتيجية، مما أجبر إسرائيل على تعديل عقيدتها الدفاعية لتشمل الجبهة الجنوبية البعيدة، وألزم القوى الكبرى بالتعامل مع اليمن طرفًا تفاوضيًا رئيسًا[44].
وفي المجمل، يمكن القول: إن المواجهة اليمنية–الإسرائيلية خلال معركة «طوفان الأقصى» أثبتت قدرة فاعل غير دولي على فرض تكاليف استراتيجية باهظة على الخصوم، وإعادة تشكيل مفاهيم الردع الدولي، وخلق نموذج جديد للصراعات غير المتكافئة، يجمع بين الأبعاد العسكرية، الاقتصادية، والسياسية، نجحت اليمن في تحويل موقعها الجيوبوليتيكي إلى ورقة تفاوض قوية، وفرضت نفسها فاعلًا جيوستراتيجيًا رئيسيًا على المستوى الإقليمي والدولي، ما يمثل درسًا مهمًا للأمن البحري العالمي والنظريات الاستراتيجية في الشرق الأوسط.
ثانيًا: التوصيات:
استنادًا إلى نتائج الدراسة، يوصي الباحث بما يلي:
أولا : على المستوى العسكري والأمني
إعادة بناء القدرات العسكرية والأمنية اليمنية: تعزيز الدور اليمني في الأمن البحري الإقليمي عن طريق إعادة تأهيل الأسطول البحري وتجهيز الموانئ والجزر الاستراتيجي مثل (ميون)؛ لتكون مراكز سيطرة ومراقبة وطنية.
الاستمرار في تطوير القدرات النوعية للردع عابر المدى، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيّرة، وتنويع التكتيكات البحرية؛ لضمان استدامة الضغط على مسارات الشحن الدولية.
تعزيز المرونة واللامركزية في تخزين الأسلحة والمنصات؛ لضمان القدرة على التعافي السريع بعد الضربات الجوية الغربية [45].
تنمية السواحل: إطلاق برامج تنموية واستثمارية شاملة في البنية التحتية والمشروعات الاقتصادية الساحلية (الصيد والتجارة والمنتجعات السياحية) لرفع كفاءة المجتمعات المحلية وتقليل قابليتها للتأثر بالنفوذ الخارجي.
ثانياً: على المستوى السياسي والدبلوماسي:
استثمار ورقة الضغط الحالية لانتزاع اعتراف دولي بضرورة ربط استقرار الملاحة بالحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية.
تفعيل التعاون الدفاعي العربي: إنشاء تحالف بحري دفاعي عربي مشترك؛ يهدف إلى حماية الممرات المائية الحيوية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب من أي اختراقات أو هيمنة أجنبية.
توحيد الموقف الدبلوماسي: تفعيل الدبلوماسية البحرية اليمنية، بالدعم العربي؛ لضمان التمثيل الفاعل في المنظمات الإقليمية كـ («مجلس البحر الأحمر وخليج عدن») لفرض المصالح اليمنية في القرارات الأمنية.
تدويل الانتهاكات: العمل على تدويل الانتهاكات والممارسات العسكرية الأجنبية في الجزر والمياه الإقليمية اليمنية، واللجوء إلى المنظمات الدولية والمحاكم البحرية المختصة لحماية السيادة الوطنية.
رفض تدويل الممرات البحرية العربية، والتأكيد على أن تأمينها مسؤولية الدول الإقليمية المعنية، وليس القوى الكبرى أو الأطراف الأجنبية.
إنشاء تحالف عربي – إقليمي مشترك لتأمين مضيق باب المندب والبحر الأحمر من أيّ تدخل خارجي، على أن يعتمد على تنسيق استخباراتي وعسكري واقتصادي بين الدول المشاطئة.
تعزيز التعاون الاقتصادي العربي لاستثمار الموقع الجغرافي للبحر الأحمر في مشاريع مشتركة تضمن التنمية، وتحدّ من النفوذ الأجنبي.
ثالثا: على المستوى الأكاديمي والاستراتيجي:
تكثيف الدراسات حول نموذج «الردع عبر نقاط الاختناق البحرية» (Deterrence via Maritime Choke Points) كنظرية ناشئة في العلاقات الدولية.
إجراء تقييمات شاملة للتكاليف الاقتصادية والعسكرية للنزاعات غير المتكافئة، وربطها بالاستراتيجيات الدبلوماسية؛ لتحقيق تأثير أكبر.
تطوير الدراسات والأبحاث الأكاديمية حول الجغرافيا السياسية للبحر الأحمر، ودعم مراكز الأبحاث اليمنية والعربية المتخصصة في الأمن البحري والجيوسياسة.
[1] لبيب، أشرف. «مضيق باب المندب، وأثره على أمن واستقرار البحر الأحمر». المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، 2023
[2] البدري، ح.، والمجذوب، ط.، وزهدي، ض. (1974). حرب رمضان: الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة. القاهرة: الشركة المتحدة للنشر والتوزيع.
[3] الجمل، م. (2022). الجغرافيا السياسية لمضيق باب المندب والتنافسات الإقليمية. مجلة الدراسات العربية الفصلية، 44(3)، 102-125
[4] إبراهيم، محمد. (2019). جيوبوليتيكا البحر الأحمر: الأمن والمصالح الدولية. مركز دراسات الخليج.
[5] كفير، ي. (2021). استراتيجية إسرائيل البحرية وديناميكيات البحر الأحمر. مجلة الدراسات الاستراتيجية، 44(5)، 789-812.
[6] المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. (2018). التهديدات الأمنية في البحر الأحمر. (تقرير تحليلي).
[7] البنكي، علي محمد. (2021). الجزر اليمنية في البحر الأحمر: الموقع والأهمية الاستراتيجية. مجلة الدراسات الجيوسياسية، 15(2)، 45-70
[8] العكيدي، صالح. (2020). الأمن القومي اليمني ومضيق باب المندب: دراسة في التهديدات. مركز الدراسات الإقليمية.
[9] سيف، ن. أ. (2024). المعضلة الجيوستراتيجية لليمن في حوض البحر الأحمر. مركز الجزيرة للدراسات.
[10] – الدين، هلال علي. «الأمن العربي والصراع الإستراتيجي في منطقة البحر الأحمر». المستقبل العربي، العدد 9، سبتمبر 1979
[11] الياسين، فؤاد. (2024). الوظيفة الجيوبوليتيكية لمحور المقاومة: التشتيت والردع الموحد. مجلة الدراسات العسكرية للشرق الأوسط، 12(3).
[12] IISS (International Institute for Strategic Studies) Analysis. (2024). Navigating Troubled Waters: The Houthis’ Campaign in the Red Sea and the Gulf of Aden. (Strategic Analysis)
[13] Al Jazeera. (2024). Houthi military spokesperson statement on linking attacks to Gaza ceasefire. (Archived News Report)
[14] بن غوريون (1950). رؤيتنا نحو الأمن البحري. (خطاب منشور)
[15] يحيى، م. (٢٠٢٣). إعادة التوجه الاستراتيجي لإسرائيل نحو البحر الأحمر. مركز كارنيغي للشرق الأوسط.
[16] معهد واشنطن (2023). تقييم التهديدات البحرية لإسرائيل. (تقرير سنوي)
[17] خليل، محمود. (2020). صراع النفوذ في باب المندب: التداعيات على الأمن العربي. مجلة السياسة الدولية، 55(4)، 110-135
[18] سفيان، خالد. (2019). إريتريا ومفاتيح البحر الأحمر: تحليل التواجد الأجنبي. مجلة الأمن والدفاع، 10(1)، 88-105.
سيف، ن. أ. (2024). المعضلة الجيوستراتيجية لليمن في حوض البحر الأحمر. مركز الجزيرة للدراسات.
[19] المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS). (2023). المنافسات البحرية والتنافس الاستراتيجي في البحر الأحمر. لندن: روتليدج.
[20] جيمس، سارة. (2021). التحالفات الإقليمية الجديدة في الشرق الأوسط: حالة البحر الأحمر. (تقرير صادر عن) معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.
[21] معهد الشرق الأوسط. (2023). مشاريع البنية التحتية الإسرائيلية وأثرها على الإقليم. (نشرة دورية).
[22] معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. (٢٠٢٣). التطبيع والتعاون البحري في منطقة البحر الأحمر. واشنطن العاصمة.
[23] القاضي، ف. (2023). الأمن البحري في البحر الأحمر: توسع البصمة الاستراتيجية لإسرائيل. مجلة سياسة الشرق الأوسط، 30(3)، 58-81.، مركز الجزيرة للدراسات. (2024). توازن القوى في البحر الأحمر: الاستراتيجيات المتنافسة والمخاطر الناشئة. الدوحة: منشورات مركز الجزيرة للدراسات.
[24] العكيدي، مرجع سابق
[25] مركز الجزيرة للدراسات. (2024). توازن القوى في البحر الأحمر: الاستراتيجيات المتنافسة والمخاطر الناشئة. الدوحة: منشورات مركز الجزيرة للدراسات.
[26] المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS). (2023). المنافسات البحرية والتنافس الاستراتيجي في البحر الأحمر. لندن: روتليدج.
[27] مجلة الملاحة البحرية العالمية. (2023). التجارة والأمن في البحر الأحمر: التقرير السنوي. معهد أكسفورد البحري.
[28] مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد). (2024). تقرير التجارة البحرية العالمية 2024. جنيف: الأمم المتحدة.
[29] سيف، مرجع سابق
[30] ACLED. (2024). Yemen Situation Update: April 2024 – Houthi Expansion into the Indian Ocean. (Online Report)
[31] CTC Sentinel. (2024). A Draw Is a Win: The Houthis After One Year of War. (Research Report).
[32] ACLED. (2024). Yemen Situation Update: April 2024 – Houthi Expansion into the Indian Ocean. (Online Report)
[33] UN Security Council Report. (2025). Houthi Red Sea Attacks: Vote on a Draft Resolution. (Online Report)
[34] norskluftvern.com
[35] Chatham House. (2025). Despite the Gaza ceasefire, the Israel–Houthi conflict may resume. (Online Article)
[36] A Draw Is a Win: The Houthis After One Year of War. (Research Report)
[37] UK Parliament. (2025). UK and international response to Houthis in the Red Sea 2024/25. (Research Briefing).
[38] CTC Sentinel, 2024
[39] Chatham House, 2025
[40] [UN Security Council Report, 2025]
[41] [Al Jazeera, 2024].
[42] (Jervis, 1976؛ الياسين، 2024)
[43] (Chatham House, 2025؛ UK Parliament, 2025)
[44] (Al Jazeera, 2024؛ الرحبي، 2024)
قائمة المراجع
- مراجع باللغة العربية:
إبراهيم، محمد. (2019). جيوبوليتيكا البحر الأحمر: الأمن والمصالح الدولية. مركز دراسات الخليج.
البدري، ح.، والمجذوب، ط.، وزهدي، ض. (1974). حرب رمضان: الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة. القاهرة: الشركة المتحدة للنشر والتوزيع.
البنكي، علي محمد. (2021). الجزر اليمنية في البحر الأحمر: الموقع والأهمية الاستراتيجية. مجلة الدراسات الجيوسياسية، 15(2)، 45-70.
بن غوريون، ديفيد. (1950). رؤيتنا نحو الأمن البحري. (خطاب منشور).
جيمس، سارة. (2021). التحالفات الإقليمية الجديدة في الشرق الأوسط: حالة البحر الأحمر. (تقرير صادر عن) معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.
خليل، محمود. (2020). صراع النفوذ في باب المندب: التداعيات على الأمن العربي. مجلة السياسة الدولية، 55(4)، 110-135.
الدين، هلال علي. «الأمن العربي والصراع الإستراتيجي في منطقة البحر الأحمر». المستقبل العربي، العدد 9، سبتمبر 1979.
الحربي، محمد. (2025). تأثير الحصار البحري على موانئ البحر الأحمر وتداعياته على الاقتصادات الإقليمية. مركز الجزيرة للدراسات.
الرحبي، علي أحمد. (2024). المواقف والرؤى الدولية عن طبيعة الحرب في اليمن في ظل مشاريع الهيمنة الاستعمارية في المنطقة العربية. صنعاء، اليمن.
الشرقاوي، علي. (2020). المشروع الإسرائيلي في البحر الأحمر: الأبعاد العسكرية والاستخباراتية. (ورقة بحثية).
العكيدي، صالح. (2020). الأمن القومي اليمني ومضيق باب المندب: دراسة في التهديدات. مركز الدراسات الإقليمية.
القاضي، ف. (2023). الأمن البحري في البحر الأحمر: توسع البصمة الاستراتيجية لإسرائيل. مجلة سياسة الشرق الأوسط، 30(3)، 58–81.
الياسين، فؤاد. (2024). «الوظيفة الجيوبوليتيكية لمحور المقاومة: التشتيت والردع الموحد». مجلة الدراسات العسكرية للشرق الأوسط، مج 12، ع 3.
الأونكتاد. (2024). تقرير التجارة البحرية العالمية 2024. جنيف: الأمم المتحدة.
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. (2018). التهديدات الأمنية في البحر الأحمر. (تقرير تحليلي).
المجلة البحرية العالمية. (2023). التجارة والأمن في البحر الأحمر: التقرير السنوي. معهد أكسفورد البحري.
المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS). (2023). التنافس البحري والمنافسة الاستراتيجية في البحر الأحمر. لندن: روتليدج.
سفيان، خالد. (2019). إريتريا ومفاتيح البحر الأحمر: تحليل التواجد الأجنبي. مجلة الأمن والدفاع، 10(1)، 88-105.
سيف، ن. أ. (2024). المعضلة الجيوستراتيجية لليمن في حوض البحر الأحمر. مركز الجزيرة للدراسات.
عمر، فاروق. (2022). الاستراتيجية الإسرائيلية نحو إفريقيا: التحديات والفرص. جامعة القاهرة للدراسات الاستراتيجية.
كابلان، ر. د. (2020). انتقام الجغرافيا: ما تخبرنا به الخريطة عن الصراعات القادمة والمعركة ضد القدر. راندوم هاوس.
كفير، إ. (2021). استراتيجية إسرائيل البحرية وديناميات البحر الأحمر. مجلة الدراسات الاستراتيجية، 44(5)، 789-812.
لبيب، أشرف. «مضيق باب المندب، وأثره على أمن واستقرار البحر الأحمر». المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، 2023.
مركز الجزيرة للدراسات. (2024). توازن القوى في البحر الأحمر: استراتيجيات متنافسة ومخاطر ناشئة. الدوحة: منشورات مركز الجزيرة للدراسات.
معهد دراسات الأمن القومي (INSS). (2022). استراتيجية إسرائيل البحرية وتحدي البحر الأحمر. جامعة تل أبيب.
معهد الشرق الأوسط. (2023). مشاريع البنية التحتية الإسرائيلية وأثرها على الإقليم. (نشرة دورية).
معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. (2023). التطبيع والتعاون البحري في منطقة البحر الأحمر. واشنطن العاصمة.
معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى. (2023). تقييم التهديدات البحرية لإسرائيل. (تقرير سنوي)
يحيى، م. (2023). إعادة التوجه الاستراتيجي لإسرائيل نحو البحر الأحمر. مركز كارنيغي للشرق الأوسط.
ب. مراجع باللغة الأجنبية:
ACLED. (2024). Yemen Situation Update: April 2024 – Houthi Expansion into the Indian Ocean.
Al Jazeera. (2024). Houthi military spokesperson statement on linking attacks to Gaza ceasefire.
Chatham House. (2025). Despite the Gaza ceasefire, the Israel–Houthi conflict may resume.
CTC Sentinel. (2024). A Draw Is a Win: The Houthis After One Year of War.
Discovery Alert. (2025). Houthi Attacks and Eilat Port Shutdown: Global Shipping Disrupted.
IISS. (2024). Navigating Troubled Waters: The Houthis’ Campaign in the Red Sea and the Gulf of Aden.
Jewish Currents. (2025). The Myth of Israeli Innovation: The cost of US military support to Israel.
Norskluftvern. (2025). Arrow-3 Missile Defense System: Cost Analysis and Performance Comparison.
12. UN Security Council Report. (2025). Houthi Red Sea Attacks: Vote on a Draft Resolution.
UK Parliament. (2025). UK and international response to Houthis in the Red Sea 2024/25.
World Bank Document. (2024). The Deepening Red Sea Shipping Crisis.

