الانتخابات البرلمانية العراقية 2025: فرصة للتغيير أم تحدٍ جديد؟

وائل المولى 000

وائل المولى*

يقف العراق اليوم على أعتاب لحظة حاسمة من تاريخه الحديث، لحظة تتقاطع فيها الآمال بالمخاوف، والطموحات الوطنية بالحسابات الإقليمية، والرغبة في التغيير مع إرثٍ ثقيل من الفوضى والفساد. ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية الجديدة، تبدو سماء البلاد مثقلة بالأسئلة والقلق، وكأن العراق مقبل على امتحانٍ جديد لإرادته وقدرته على الصمود.

ليست هذه الانتخابات مجرّد استحقاق سياسي أو محطة في دورةٍ برلمانية متكرّرة، بل اختبار لمدى نضج التجربة العراقية بعد عقدين من المعاناة. فقد دفع العراقيون أثمانًا باهظة للحروب والاحتلال والإرهاب والفساد، وهم اليوم يتطلعون إلى بصيص أمل يُعيد الثقة بوطنٍ أنهكته الصراعات عليه وفيه. غير أن ما يدور خلف الكواليس يوحي بأن بعض القوى، في الداخل والخارج، لا تزال تنظر إلى العراق كمساحة نفوذ لا كوطنٍ مستقل ذي سيادة.

تتحدث الأوساط السياسية والأمنية عن تحركات مشبوهة على الحدود الغربية، وعن خلايا إرهابية يجري إعدادها في الظل، وعن محاولات لإشعال الفتنة بين المكونات العراقية تمهيدًا لتفكيك النسيج الوطني. وفي الأفق القريب، يلوّح شبح تصعيدٍ إسرائيلي محتمل ضد قيادات عراقية تحت ذرائع “أمنية”، في إطار صراعٍ إقليمي تتقاطع فيه مصالح طهران وتل أبيب، بينما تُراد أرض الرافدين ساحة لتصفية الحسابات.

لكن العراق، في جوهره، ليس ساحةً لأحد، بل وطن عريق ضارب الجذور في التاريخ، صنعته حضارة وادي الرافدين ووجدان أبنائه. الحفاظ عليه لا يكون بالشعارات ولا بالولاءات العابرة، بل بالوعي والمسؤولية. فالعراقي الذي قاوم الاحتلال والإرهاب، قادرٌ على مقاومة الفتنة إذا أدرك أن صوته الانتخابي هو فعل وطني لا مجرّد واجبٍ شكلي.

على القوى السياسية أن تستوعب أن الشعب لم يعد يحتمل خيباتٍ جديدة، وأن أي عبثٍ بمستقبل البلاد سيكون ثمنه باهظًا على الجميع. أما المواطن، فعليه أن يحرس صوته كما يحرس كرامته، وأن يجعل من هذه الانتخابات فرصة لاستعادة الثقة بوطنٍ يستحق أن يُبنى من جديد، لا أن يُباع في أسواق الطوائف والمحاور.

إن العراق اليوم بحاجةٍ إلى وعي أبنائه أكثر من حاجته إلى سلاحهم، وإلى صدقهم أكثر من شعاراتهم. فليكن الخيار القادم خيارًا للحياة والوحدة، لا للانقسام ولا للفتنة. فالعراق كان وما يزال قلب الأمة النابض، ومتى نبض هذا القلب، عاد الشرق كلّه إلى الحياة.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

*كاتب وصحافي

كاتب