الأمم المتحدة وتسوية النزاعات المسلحة في اليمن

الامم المتحدة 01

شهدت كلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء مؤخرا مناقشة رسالة علمية عن دور الأمم المتحدة في تسوية النزاعات المسلحة من خلال المبعوثين الأمميين (اليمن أنموذجا) نال بموجبها الباحث فواز أحمد النقاش درجة الماجستير في العلوم السياسية.

هدفت الدراسة المقدمة إلى قسم العلوم السياسية، إلى تحليل دور الأمم المتحدة في تسوية النزاع المسلح في اليمن وتقييم فاعلية جهودها في التوصل إلى تسوية سياسية شاملة ومستدامة، وركزت الدراسة على دور المبعوثين الخاصين الذين عُينوا بين عامي 2012 – 2023، ومحاولة فهم تحديات الوساطة التي واجهتهم، في إطار تحليل المواقف الإقليمية والدولية وتأثيراتها السياسية في الدور الأممي.

واعتمدت الدراسة في منهجيتها على المنهج الوصفي الذي يوثق الوقائع والأحداث بين عامي 2011 -2023، متتبعة جهود الوساطة الأممية من خلال المبعوثين الخاصين، واستعانت بالمنهج القانوني في تحليل القرارات الأممية، لفهم القواعد التي تنظم تسوية النزاعات، إضافة إلى توظيف مقاربة “تحويل النزاع” التي تعمل على تحويل النزاعات المسلحة؛ بهدف التوصل إلى حل سياسي وسلام شامل ومستدام.

وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج، من أبرزها نجاح الأمم المتحدة في بداية الأزمة السياسية في منع اندلاع الحرب الأهلية بتوقيع المبادرة الخليجية عام 2011، ومع ذلك، أخفقت في معالجة العوامل التي أعاقت المرحلة الانتقالية، مما أسهم في تفاقم الأزمة وتحولها إلى نزاع مسلح وعدوان عسكري على اليمن، إلى جانب التدخلات الأجنبية.

وأظهرت الدراسة أن مبعوثي الأمم المتحدة اعتمدوا استراتيجية تجزئة الحل، التي أسهمت في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية، لكنها فشلت في معالجة جذور النزاع، وأدت إلى إطالة أمد الحرب، كما توصلت إلى أن الأمم المتحدة تسعى لتقديم نفسها وسيطًا محايدًا، لكنها امتنعت عن تحميل دول العدوان على اليمن مسؤولية واضحة عن انتهاكات حقوق الإنسان، مما أثار شكوكًا حول شفافيتها وحياديتها.

وتوصلت الدراسة إلى أن التدخلات الإقليمية والدولية، لا سيما من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وغيرهما، زادت من تعقيد النزاع، الذي تعدى من كونه نزاعًا داخليًا إلى جزء من مواجهة إقليمية أوسع، وأضعف بذلك قدرة الأمم المتحدة على أداء دورها بوصفها وسيطًا محايدًا.

وتشير الدراسة إلى أن تعدد الأطراف وتضارب مصالحها أسهما بشكل كبير في تعقيد جهود التسوية السياسية؛ إذ ركز كل طرف على تحقيق مصالحه الخاصة، مما زاد من حدة الانقسامات وأطال أمد الحرب. كما تشير الدراسة إلى أن غياب الإرادة السياسية لدى الدول الكبرى كان عاملًا رئيسًا في فشل الجهود الأممية لتحقيق السلام.

ولفتت الدراسة إلى أن الجهود الإغاثية لم تكن متناسبة مع حجم الكارثة الإنسانية في اليمن؛ إذ تعرضت للإهدار نتيجة سوء الإدارة وانتشار الفساد، كما توصلت الدراسة إلى أن حيادية الأمم المتحدة أصبحت موضع تساؤل؛ إذ تُعدُّ في كثير من الأحيان أداة للدول الكبرى لتحقيق مصالحها عبر وسائل غير مباشرة، مثل استخدام المساعدات الإنسانية وملفي حقوق الإنسان والديمقراطية، غطاء لتحقيق أهداف سياسية.

وأوصت الدراسة بضرورة استكمال دور المبعوث الرابع هانس غروندبرغ لليمن بدءًا من عام 2024، وتفنيد مقترحات خارطة الطريق الأممية، وأسباب تعثرها، وتحليل التطورات الداخلية والإقليمية والدولية المؤثرة في مسار العملية السياسية.

أشرف على الرسالة الدكتور منصور عزيز الزنداني، أستاذ العلاقات الدولية المشارك بجامعة صنعاء، والدكتور هاني عبادي المغلس أستاذ الفكر والنظرية السياسية المساعد بالجامعة.

كاتب